تَمُّوزِيَّة البَعْث د. نضال عبد المجيد
تَمُّوزِيَّة البَعْث
د. نضال عبد المجيد
تموز في الحضارات القديمة ليس شهراً صيفياً فحسب بل هو اله الخصب عند البابليين. وفي اعتقاد سائد ان تموز كان من سلالة ملوك سومر قبل مايسمى عصر الطوفان. ومن المرجَّح ان عصر الملك تموز كان عهد خصب وازدهار، فتم تخليده بأحدى أهم اساطير العالم القديم وهي اسطورة الخصب المقدس.
ومن الاسطورة السومرية التي تحكي واحدة من قصص الحضارة التي علَّمَت البشرية كلها، مالم تعْلَم، فقد تشرب هذا الإرث الخالد في جينات شعب العراق.
ارتبط تموز بالبعث ارتباطاً مصيرياً، ففي تموز حقق البعث ثورته الخالدة بصفحاتها المتعددة. ابتدات فجر يوم السابع عشر منه، عندما انتفض البعثيون متسلحين بكل العزم والاصرار، والشجاعة التي قل نظيرها، ليفجروا ثورتهم العملاقة، مفتتحين مسيرة متواصلة من الانجازات الكبرى التي كانت حلماً يراود البعثيين والخيرين من ابناء الشعب والامة.
ومع تقدم الثورة وانتصاراتها، كانت المواجهة المستمرة مع أعداء الشعب والامة، لوقف مسيرة تموز، الثورة والامل، لكل العراقيين والعرب الشرفاء.
فتصاعدت المؤامرات الداخلية والخارجية لتنتهي بالأحتلال الغاشم. ولتستمر بعده بالاجتثاث والتنكيل والقتل والسجن لمناضلي البعث، ثأرا على ما حققوه في تموزهم الأغر. وما تلاها من سنوات الخير والعز.
تموز الذي ارتبط بالبعث، واقترن به، واثمر هذا الاقتران صياغة ملحمة جديدة للبعث في العراق يفخر بها، وهذه الملحمة تختلف عن الاسطورة السومرية، حيث هي واقع مجسد وشخوص حقيقية وليست وهمية.
تحولت أسطورة تموزالعراقية القديمة بظل البعث، الى حقيقة يقينية، فالبناء الشامخ الذي بنته ثورة تموز، مازال شامخاً، رغم كل معاول الهدم والتخريب، التي امتدت لتنال من المنجزات الحضارية والاقتصادية، ليتحول العراق الى دولة فاشلة بكل المقاييس السياسية والقانونية والدولية.
تموزية البعث التي بدأت يوم ١٧ تموز ١٩٦٨، وتكرست بعد التخلص من حالة الاندساس في الثلاثين منه، لم تكن مسيرة سهلة، هي سفر النضال الصعب الذي خاضته الثورة، في البناء والدفاع، والمعمد بالدم والعرق، هذا السفر الخالد، سيبقى على مر الازمان، يحكي عزم رجال امنوا بالله والوطن، نظيفة ايديهم وقلوبهم، اشداء على الاعداء تشهد لهم هضبات الجولان ورمال سيناء، وسنوات القادسية المجيدة، وكل صفحات المنازلة مع اعداء الامة. احبوا شعبهم وخدموه برموش اعينهم، لم يفرقوا بين مواطن واخر بسب قوميته او دينه او مذهبه، فكلهم سواء، لم تتلوث ايديهم بالسحت الحرام، اعطو شعبهم اغلى مايملكون وخرجوا من الدنيا انقياء من كل رجس.
وفي الذكرى السادسة والخمسين لثورة ١٧-٣٠تموز القومية الاشتراكية، يقتضي الواجب ان تحفظ افعال الرجال، وان تزدهي الامة بهم.
تحية الرِفعة والعُلى لرجالِ تموز الافذاذ، رجال الانتصارات والمنجزات التاريخية.
ولهم المكانة العليّة في رحاب رب كريم جزاءا لما قدموا لشعبهم وامتهم.
فتموز سيعود يوماً ليكنس من شوراع العراق، هذا العفن
فالشعب باق والبعث باق، وهؤلاء العملاء والجواسيس والسراق ستلاحقهم لعنة الأجيال مدى الدهر.