من نحن
الدكتور عبد المجيد الرافعي
يعلن استئناف النشاط السياسي عبر «حزب طليعة لبنان العربي الاشتراكي»
الساعة الثانية عشرة والنصف من ظهر يوم الإثنين في 19/ 6/ 2006، عقد الدكتور عبد المجيد الرافعي مؤتمراً صحفياً في نقابة الصحافة في بيروت، أعلن فيه التصريح بمزاولة نشاط حزب طليعة لبنان العربي الاشتراكي. وقد حضر المؤتمر بعض أعضاء الهيئة التأسيسية، وعدد من الشخصيات الوطنية والنقابية، وعدد من وسائل الإعلام المرئية ومندوبين عن الصحف اللبنانية. كما حضر جمع غفير من مؤيدي الحزب وأعضائه.
وهذا نص البيان الصحفي للإعلان عن التصريح بالنشاط لحزب طليعة لبنان العربي الاشتراكي
يسعدني باسمى وباسم رفاقي في الهيئة التأسيسية لحزب طليعة لبنان العربي الاشتراكي وسائر رفاقنا على مستوى مساحة لبنان، ان أرحب بكم من على منبر هذه الدار الوطنية، التي كانت وستبقى داراً تتفاعل فيها ومن خلال ما تمثل وما تحتضن من مؤسسات إعلامية وقيمين عليها، كافة الاتجاهات السياسية على تنوع مناهلها الفكرية، مقدمة دليلاً إضافياً على أن لبنان ورغم كل الظروف المحيطة به سيبقى واحة للحرية السياسية التي نحرص عليها انطلاقاً من حرصنا على أن تكون الديمقراطية هي الناظم الأساسي لحياتنا السياسية.
أيها الأخوة
نلتقي بكم اليوم لنعلن للرأي العام اللبناني عبر وسائل إعلامه التي نكن كل تقدير لدورها، أننا ومنذ الآن سنمارس عملنا السياسي على كافة الصعد باسم طليعة لبنان العربي الاشتراكي بعدما حصلنا على الترخيص القانوني بموجب العلم والخبر رقم 238/ أ. د.
وان إطلالتنا السياسية تحت اسم طليعة لبنان العربي الاشتراكي لا يعني اننا سندخل المعترك السياسي كمولود سياسي جديد، بل استمرار لحالة نضالية سابقة أدت الظروف الأمنية والسياسية السابقة، التي أحاطت بوضعنا على مدى العقدين الماضيين إلى سحب ترخيص الحزب، بحيث لم يعد باستطاعتنا ان نعمل تحت نفس الاسم السابق. فإننا نحرص دائماً على أن يكون عملنا محكوماً بالقوانين النافذة والأنظمة المرعية الإجراء.
إننا في هذه المناسبة، مناسبة إطلاق الاسم الجديد لحزبنا، نريد أن نؤكد على أن مواقفنا تجاه القضايا الداخلية والخارجية ستبقى محكومة بالثوابت الوطنية، خاصة في هذه الظروف بالذات، حيث إن لبنان يمر حالياً بمرحلة مخاض سياسي تتقاطع فيها تأثيرات الخارج مع تجاذبات الداخل.
إن لبنان الذي يحتاج إلى جهدا استثنائي لتجاوز أزمته بإبعادها الوطنية والسياسية والاجتماعية، لا يمكن أن يلج إلى رحاب جوٍّ سياسي، يعيد الأمن والاطمئنان والأمان السياسي والاجتماعي لأبنائه، إذا ما بقي الانشطار السياسي قائماً حول خيارات الداخل وخيارات العلاقة مع الخارج. ولهذا، فإننا وفي هذه المناسبة التي نعتبرها عزيزة على قلوبنا، نرى أنه مع التأكيد على كشف الحقيقة في جريمة اغتيال الرئيس المرحوم رفيق الحريري، وكل الذين استُهدفوا بأعمال الاغتيال ومحاولات الاغتيال، فإن الارتقاء بالموقف الداخلي إلى مستوى التحديات الوطنية، خاصة بعد ما تبين أن لبنان لا يزال ساحة مكشوفة للأنشطة العدوانية الصهيونية التي كان آخرها ما كشف من شبكة صهيونية نفذت أعمال اغتيال وتخريب، يتطلب وعياً وإدراكاً من كافة القوى السياسية اللبنانية، بأن لا شيء يصون لبنان ويحد من الاختراقات المعادية، سوى وحدة وطنية، تضع المسلمات الوطنية، فوق نقاش المحاصصة السياسية والفئوية، وتفرض على القوى السياسية أن تغادر مواقعها الطائفية والفئوية إلى الموقع الوطني على قاعدة تقديم التنازلات المتقابلة، وإسقاط منطق التخوين المتبادل، وعدم لجوء هذا الطرف أو ذاك إلى الاستقواء بتأثيرات الخارج لتحسين مواقفه السياسية في الداخل.
إن وحدة وطنية جامعة، هي وحدها القادرة على تشكل مظلة واقية للجميع، وإنه بدون هذه الوحدة لا يمكن الاطمئنان لأي حراك سياسي، يغلِّب أطرافه المرحلي على الاستراتيجي والخاص على العام، ويدفعون لبنان بوعي أو بدون وعى لأن يكون تحت مظلة تدويل لوضعه من خلال سلة القرارات التي يتوالى صدورها.
إننا في هذه المناسبة وإن كنا لا نطرح برنامجاً سياسياً جديداً، لأننا نشكل استمراراً لحالة نضالية سابقة، إلا أننا نجد في ذلك فرصة لنعيد التأكيد على ثوابت مواقفنا، وطنياً وقومياً، من دون تجاهل الشأنين السياسي والمطلبي.
فعلى الصعيد الوطني، سنعمل لتبقى وثيقة الوفاق الوطني وخاصة فيما نصت عليه مقدمتها، ثابتاً سياسياً من ثوابت نضالنا، ونبقى نحرص على أن يبقى النص الذي أسقط الالتباس حول هوية لبنان العربية، ليس ثابتاً دستورياً يجب احترامه وحسب، بل التأكيد عليه باعتباره ثابتاً تاريخياً يزيل أي تشويش حول هوية لبنان القومية.
وانطلاقاً من التأكيد على هذا الثابت والعمل لحمايته نرى أن ذلك يمنح لبنان حقوقاً ويلزمه بموجبات، وإذا كان من حقوقه ان تقدم له كل وسائل الدعم والإسناد السياسي والاقتصادي لمواجهة تداعيات أزمته وأعبائها وعدم تثقيله بأوزار سياسية تفوق قدرته على التحمل في سياقات المواجهة المتعددة المشارب والمواقع المفروضة على الأمة العربية، وفي طليعتها المواجهة مع العدو الصهيوني بكل تشابك علاقاته الدولية والإقليمية، فإن من واجباته أن لا يكون مقراً ولا مستقراً ولا ممراً لأعمال وأنشطة عدائية ضد العمق العربي على قاعدة حماية الخيارات الوطنية بعيداً عن أية وصاية أو تدخل أجنبي وأن يكون جزءاً من الجهد العربي الشامل في مواجهات التحديات والأخطار التي تواجه الأمة.
إننا في هذا السياق نرفض مقارنة ومقاربة العلاقة مع العدو الصهيوني، الذي لا يزال يحتل بعضاً من الأرض اللبنانية، بالوجود السوري الذي وإن شابه سلبيات كثيرة في الأداء السياسي والأمني، ونلنا نصيباً من ذلك السلوك الأمني والسياسي، إلاَّ أنه لا يجوز وتحت أي اعتبار إعطاءه وصف الاحتلال لأنه لم يكن هكذا لا بالمفهوم السياسي ولا بالمفهوم القانوني، ولذلك فإننا ندعو اللبنانيين أن لا يضيعوا بوصلة التحديد والتعريف بمن هو العدو للبنان.
وعلى أساس هذا الفهم سنبقى نميز بين موقفنا النقدي من كل أداء سياسي وأمني سلبي نتج عن الدور السوري في لبنان، وأدى إلى تعطيل الممارسة الديموقراطية الحقيقية للحياة السياسي، وبين موقفنا من الموقع السوري الذي تربطه مع الموقع اللبناني ليس علاقة الجوار والجغرافيا وحسب بل علاقة الانتماء لأمة واحدة أيضاً وإن تباينت طبيعة الأنظمة السياسية.
أما في ما يتعلق بالوجود الفلسطيني في لبنان فإن التعامل معه يجب ان ينطلق من مسلمة أن لبنان وفلسطين، كما سائر الأقطار العربية، هما ضمن دائرة العدوانية الصهيونية، وإن اختلفت تعبيراتها. وطالما أن الخطر الصهيوني لا يزال قائماً، فإن معالجة الوجود الفلسطيني في لبنان يجب أن تخرج عن كونها مسألة أمنية وحسب، بل يجب النظر إليها باعتبارها مسألة سياسية أيضاً، وتعالج في إطار رؤية وطنية موحدة تراعي تمكين الدولة من بسط سيادتها على كامل التراب الوطني، مع توفر شروط الأمن السياسي والاجتماعي للوجود الفلسطيني.
وإذا كان الأمن الاجتماعي يتجلى بإعطاء الفلسطينيين المقيمين في لبنان سلة من الحقوق المدنية الأساسية كحق العمل والتملك ضمن أحكام نظام تملك العرب والأجانب، فإن الحقوق السياسية تتجلى بتوفير مناخات ملائمة لأنشطة العمل السياسي في إطار تعبيراته الجماهيرية والديموقراطية بما يخدم حركة النضال الفلسطيني لتحقيق أهدافها الوطنية وعلى رأسها حق العودة بعد إقامة الدولة الوطنية على الأراضي التي سيتم تحريرها. ولهذا، فإن التأكيد على حق العودة هو الرد حول ما أُثير من زوابع سياسية حول توطين الفلسطينيين، لأن التوطين هو خيار صهيوني –أميركي بالدرجة الأولى. ولم يكن في يوم من الأيام خياراً فلسطينياً أو خياراً لبنانياً، ولذلك يجب أن يكون الموقف منه عامل توحد وليس عامل انقسام بين اللبنانيين.
هذا على المستوى الوطني، أما على المستوى السياسي، فإننا نؤكد وفي مناسبة إطلالتنا السياسية تحت اسم طليعة لبنان العربي الاشتراكي أن الإصلاح السياسي في لبنان لا يستقيم إلا إذا كان مدخله الأساسي إلغاء الطائفية السياسية والوظيفية، وإحلال مبدأ تكافؤ الفرص، والتأكيد على مبدأ فصل السلطات، ليس قولاً وحسب بل فعلاً وممارسة، باعتبار أن مبدأ فصل السلطات هو واحد لا بل أساس في مرتكزات النظام الديموقراطي.
ومع التأكيد على احترام هذا المبدأ الأساسي في نظامنا السياسي، يجب إعادة الاعتبار للمؤسسات الرقابية كي تمارس دورها بعيداً عن أي تدخل أو وصاية، وبما يوفر أرضية لتأسيس حالة جديدة تتَّسم بالشفافية وقيام نظام المساءلة واعتماد سياسية الثواب والعقاب بعيداً عن أية كيدية أو شخصانية.
إننا من خلال انخراطنا في الشأن العام سنعمل على تعزيز الثقافة الشعبية التي تميز بين مفهوم الدولة والنظام، انطلاقاً من كون الدولة تجسد ثابتاً وطنياً، لا يجوز أن يكون عرضة للاهتزاز والتقويض كلما تعرض النظام السياسي لضغط من هنا أو هناك.
إن دعوتنا لإصلاح النظام السياسي في لبنان انطلاقاً من مبدأ إلغاء الطائفية السياسية لأجل إحلال مبدأ المساواة بين اللبنانيين، وجعلهم يغادرون أولياتهم الطائفية إلى رحاب الدولة الوطنية الجامعة يجب أن يكون إلغاؤها قانون انتخابي جديد يسقط الطائفية عن التمثيل النيابي ويكون تلبية لحاجة وطنية وشعبية. وأنه رغم الجهد الذي بذل لتظهير قانون انتخابي جديد، فإن المشروع الذي قدمته الهيئة الوطنية وإن طرح تغييراً في الآليات الانتخابية، إلا أنه لا يزال مسكوناً بالطائفية إن على مستوى التوزع أو على مستوى الترشح، وبالتالي لا يمكن النظر إليه كمشروع طموح يمكن أن يؤدي إلى إسقاط الطائفية عن التمثيل النيابي.
أما على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي والتربوي فنرى أنه إذا كان الإصلاح السياسي يشكل الإطار العام الناظم لإصلاح النظام وتحسين أدائه، فإن هذا الإصلاح يجب أن لا يكون منعزلاً ومنفصلاً عن إصــلاح البنيــة الاقتصادية والاجتماعية والتربويــة.
فعلى الصعيد الاقتصادي، سيكون العمل منصبـاً للحدّ مـن تثقيل الوضع الاقتصادي، وأعباء المديونية العامة، والتخفيف من الأعباء المترتبة على تكاليف المعيشة، وهذا يتطلب:
1- رعاية قطاع الإنتاج الزراعي والصناعي رعاية خاصة، سواءٌ أكانت لجهة حماية الإنتاج المحلي من المنافسة غير المتكافئـة، أم لجهة إيجـاد أسـواق تصريف خارجيـة ، أم لجهة التدخـل بجدّية عنـد حصول كوارث طبيعية. وهذا يتطلب إعطاء الأولويـة للإنفـاق في مشاريـع الإنتاج والحدّ من التوظيف في القطاع الخدماتي ذي الطابع الاستهلاكي.
2- إعادة تركيز سلّم الأولويات في تأهيــل المرافق، وتكييـف خطط البناء التحتي قياساً على الضرورات الملحّة.
3- وضع حد لسياسة رفع الدعم عن السلع والخدمات الأساسية، كما في موضوع الإيجــــــارات والمشتقات النفطية والكهرباء وفاتورة الاستشفاء.
4-فتح ملفات الفساد، وإطلاق يد المؤسسات الرقابية والقضائية لتمارس دورها، بكل شفافية، في الرقابة والمحاسبــة والمساءلة.
5- اعتماد سياسة ضرائبية عادلة بحيث لا يبقى الموظفون وذوو الدخل المحدود الحلقة الأضعف في تنفيذ السياسة الضرائبية، فيما يبقى أصحاب المداخيل الكبرى وحيتان الكسارات والأمـلاك والقطاع النفطي بعيدين عن أي مراقبة أو محاسبة أو تكليف جدي.
6-العناية بالجانب التنموي على كل الصعد، فهو الوحيد الذي يوفر فرص العمل، ويسهم جدياً بالقضاء على البطالة، على أن يترافق مع إقرار اللامركزية الإدارية.
7- وكخطوة عاجلة لا بد منها ، يجب وضع حد للهدر في المال العام ، والتعدي على الأملاك العامة، وإلغاء الصناديق والمجالس التي أُسست، أصلاً ، لتلقي نتائج الكوارث الوطنية، فتحولت إلى صناديق ومجالس للخدمات السياسية والانتخابية.
وأما على الصعيد النقابي والاجتماعي فنرى أيضاً أن إصلاحاً اقتصادياً ذا أبعاد وطنية وشعبية شاملة، ليس غاية بحد ذاته، بل الهدف منه، تحقيق عدالة اجتماعية، توفر الحدود المقبولة لحياة كريمة.
ولهذا سنولي أهمية خاصة لإعادة الاعتبار للحركة النقابية باعتبارها رافعة للنضـــال المطلبي، للحؤول دون أن يكون الإطار التمثيلي للقطاع العمالي واجهة للعمل السلطوي، ولإسقاط كـل أشكال الهيمنة السياسية والطائفية عن فعاليات النضال المطلبي.
وإنه في موازاة تفعيل العمل النقابي سواءٌ أكان في إطار عمل نقابات المهن الحرة، أم في إطار تشكيلات الحركة النقابية العمالية والفلاحية، فإننا سنولي اهتماماً للقضايا الاجتماعية الأخرى سواءٌ أكان لجهة تفعيل الضمان الصحي والاجتماعي وضمان الشيخوخة، والحد من البطالة، أم كان لجهة العمل الجدي والفعال للتصدي لنتائج الحرب التي خلَّفت مشاكل اجتماعية ، من ملف المفقودين إلى ملف المعاقين، وصولاً إلى وضع برنامج وطني شامل للتأهيل الاجتماعي عبر تعميم المرشدين الاجتماعيين على كل المؤسسات التربوية والصحية وذات الصلة بهذه المسألة.
وعلى الصعيد التربوي والتعليمي سنولي قضايا التربية والتعليم الأهمية التي تستحقها سواءٌ أكانت لجهة إعادة تأهيل هذا القطاع الذي لم يسلم من تداعيات الأزمة التي عصفت بلبنان وما تولد عنها من آثــار سلبية، أم كان لجهــــة تدنــي المستوى الأكاديمي، أم لجهة العشوائية في تفريخ وإنشاء مؤسسـات تعليمية تحمـل تارة أسماء جامعية، وتارة أخرى معاهد تقنية، وهي في حقيقتها لا تعدو كونها استثماراً تجاريـــاً فـي حقــل التربية والتعليم.
إننا ونحن نشدد على ديموقراطية التعليم ومجانيته، نؤكد وجوب حماية القطاع التعليمي الرسمي بشقيه المدرسي والجامعي، الأكاديمي منه والمهني، وتوحيد الكتاب المدرسـي، وخاصة توحيد كتابيْ التاريخ والتربية المدنية، باعتبار توحيده يشكــل المدخــل الصحيح لتعميم مناهج تعليمية موحدة، ولكي يشكل الحجر الأساس لانطلاق ثقافــة وطنية تكــون خطــوة مترافقة مع خطوات الإصلاح السياسي الذي مدخله إلغــاء الطائفية السياسية.
إن إطلالتنا على هذه العناوين الإصلاحية ، تشكل برنامج عملنا على صعيد الإصلاح السياسي لبنى النظام وأداء المؤسسات وانتظام الحياة العامة على قاعـــدة ديموقراطيــة الحياة السياسية والتعددية السياسية في إطار الوحدة الوطنية.
مواقف الحزب من القضايا القومـــية
قوميـاً، نؤكد أن مقاومة الاحتلال الأميركي في العراق تفصح عن مخزون نضالـــي كامــن في هـذه الأمة ، يتفجر حيثما توفرت له الظروف الموضوعية والذاتية.
فالمقاومة في العراق التي أدخلت المحتل الأميركي وأعوانــه في مــأزق، هي خيـارنـا النضالـي في التصدي للاستراتيجية الأميركية أيـــاً كانت تشخيصــاتها الميدانيــة. وإن مقاومتنا لمحاولة فرض الوصاية الأميركية على لبنــان تنطلق من وحــدة موقفنا من الخطة الأميركية التــي أرادت من احتلال العـراق الانطلاق للسيطرة على الوطن العربي وفـرض الأمركة علـى كل مناحي الحياة العربية.
أما فيما يتعلق بالموضوع الفلسطيني ، فكما المقاومة في العراق تفصح عن مخزون نضالي للأمة، فإن المقاومة الفلسطينية للاحتلال الصهيوني، التي يتلخص تعبيرها السياســي بالانتفاضة الشعبية والمقاومة المسلحة، هــي المُعبّر عن الموقف القومي التحرري على أرض فلسطين. وإن ما يُطرح من مشاريع حلول لن يمنح جماهير فلسطين حقوقها الوطنية، وإنما هي مجرد ترتيبات أمنية سياسية تحمي الكيان الصهيوني الذي يريد، بدعم أميركي مطلق، فرضها على الفلسطينيين في لحظة الوهن والضعف العربيين.
إننا ونحن نقدر ونثمِّن الدور النضالي لجماهير الأرض المحتلة، ينتابنا خوف وقلق شديدين من الصراع السياسي الذي بدأ يأخذ شكل تصادمات مسلحة بين الفصائل الفلسطينية في الداخل، وإننا نناشد كافة القوى السياسية الفلسطينية، أن لا يحوِّلوا مسار الصراع عن هدفه الأساسي، ومن صراع مع العدو إلى صراع على السلطة.
إن إعادة تصويب الموقف الفلسطيني باتجاه الصراع مع العدو وتجنيب الساحة الفلسطينية هذا الصدام الحاد، لا يسقط واحداً من الأهداف الصهيونية وحسب، بل يوفر أرضية لوحدة وطنية فلسطينية تواجه بها تحديات الاحتلال، وتحديات الحصار الخارجي، الذي بعضه عربياً وللأسف، استجابة للاملاءات الأميركية، في محاصرة الخيارات الديموقراطية للجماهير الفلسطينية.
ومن منطلق رؤيتنا القومية الشاملة لترابط القضايا القومية بكونها مُستهدفة من مشروع عدواني واحد، سنولي القضية العراقية أهمية خاصة كونها تشكل في هذه المرحلة قمة المواجهة البطولية ضد أشرس حملة عدائية ضد وجودنا القومي، بكل تشعباته التاريخية والفكرية والثقافية والنهضوية والسياسية وقراره المستقل.
ولأن العالم الحر يتطلع إلى نتائج نضال المقاومة الوطنية العراقية بحيث إن انتصارها على قوات الاحتلال الأميركي البريطاني سينعكس بشكل إيجابي، ويؤسس إلى عالم أفضل، خالٍ من الأطماع الاستعمارية والصهيونية، نتوجه إلى العرب كافة وشعوب العالم الحر لتقديم العون والإسناد لتلك المقاومة وعلى رأسها المطالبة بالاعتراف بأنها الممثل الشرعي والوحيد للشعب العراقي.
إن تأكيدنا على توفير كل الدعم والاحتضان للمقاومة الوطنية في العراق، وضرورة تعميم التجربة اللبنانية بإنشاء الهيئة الوطنية اللبنانية لدعم المقاومة والشعب العراقي، ومساعدة القوى السياسية الفلسطينية من هم في إطار منظمة التحرير، أو من هم خارج إطارها، على بداية حوار جدي لبلورة رؤية جديدة للعمل الوطني الفلسطيني المشدود إلى ركيزة وطنية قومية، والى تفعيل وتطوير للفعل المقاوم ضد الاحتلال، والنظر إلى المقاومة في لبنان، باعتبارها ثقافة سياسية وطنية، وليس مجرد حلقة فنية.
كل ذلك يشكل بداية لتأسيس وضع عربي جديد، من شأنه أن يعيد النبض للشارع العربي في تحرك شمولي يربط بين مقاومة الاحتلال وكل أشكال الوصاية الأجنبية التي يراد فرضها، ويمكِّن شعبنا من أن يخطو خطوة متقدمة لمحاصرة أنظمة التخاذل التي لم يعد لها من مهمة سوى تنفيذ الاملاءات الأميركية.
إننا وفي هذه المناسبة، التي نعلن فيها، إطلالتنا السياسية تحت اسم طليعة لبنان العربي الاشتراكي، ومع تأكيدنا على ثوابت موقفنا، سنبقى نحرص على نسج أفضل العلاقات السياسية مع القوى التي تشاطرنا الموقف والرأي، وسوف نضع أنفسنا في الموقع الحواري مع القوى التي تخالفنا الرأي والموقف وصولاً إلى بلورة الرؤية الوطنية الشاملة.