مقالات

11 آذار الإنجاز الذي يُجَسِّد مَبادئ البَعث الإنسانيّة علي العتيبي

11 آذار
الإنجاز الذي يُجَسِّد مَبادئ البَعث الإنسانيّة
علي العتيبي

ان مبادئ البعث ونظرته للأقليات في الوطن العربي هي مبادئ انسانية غير عنصرية يجسدها شعاره ( امة عربية واحدة … ذات رسالة خالدة). فالامة في مفهومه لاتعني مجموعة تستند الى اواصر عنصرية متحيزة لصالح الدم العربي، بل انها تعتبر كل من يعيش في الوطن العربي، من مواطنيها، ومرتبط تاريخه بتاريخها ومصيره بمصيرها، ويعمل من اجل تحقيق اهدافها ومصالحها، هو اصيل الإنتماء الى الأمة العربية وجزء اساسي فيها. ولهذا نجد ان المنتمين الى حزب البعث العربي الاشتراكي هم من كل اطياف واديان واثنيات المجتمع العربي الذي يشكّل بمجموعه الأمة، ولافرق بين احد و اخر منهم الا بإخلاصه في خدمتها والانتماء لها .

والبعث في عقيدته المعاصرة هذه يستند الى تاريخ حضاري زاخر صنعته الأمة العربية بموجب هذه الوحدة التي اتاحت لكل ابنائها مجتمعين فرصة الدور الفاعل والحيوي ضمن اطار الأمة ، فانتجت حضارة انسانية هائلة من الانجازات المبهِرة، و التي استفاد منها الغرب الذي لم يصل الى ما وصل اليه الا باستيعاب مخرجاتها التي انتقلت اليه عبر دورتها الحضارية في الاندلس .

واليوم اذ يتم استهداف الامة العربية في وجودها من خلال خلق عدة تحديات مصيرية ، بهدف تقسيم المقسَّم عبر اثارة النعرات الطائفية والعرقية والاثنية والقبلية، وحسب طبيعة القطر الواحد، فان الامة بامس الحاجة الى التمسك بمبادئ البعث الانسانية وتجاربه المعاصرة للتمكن من مواجهة تلك التحديات في عدد من الاقطار العربية.

ففي العراق مثلاً، كانت قد مرت عقود على القضية الكردية فيه، وسالت انهار من الدماء دون ان تجد الحكومات المتعاقبة قبل ثورة البعث الأولى في العراق في 8 شباط 1963 حلاً جذرياً لهذه القضية. ثم جاءت ثورة البعث في 8 شباط فوضعت من اولوياتها المطلقة حل القضية الكردية حلاّ انسانياً وشاملاً. وباشرت قيادة الحزب والثورة انذاك بتنفيذ الخطوات والاستراتيجيات اللازمة وفي مقدمتها استقبال القيادات الكردية في بغداد وبدئ المباحثات الجادة في هذا الشأن بهدف بحث واستكمال وضع اسس لحل انساني ووطني شامل يجسد مبادئ البعث الانسانية، ويعطي شعبنا العراقي في كردستان الحبيبة حقوقه القومية والثقافية المشروعة، ويضمن وحدة واستقرار العراق كي ينطلق في اداء دوره الذي يليق به كقطر فاعل واساسي في امته العربية. ويصعب ذكر كافة تفاصيل ذلك العمل الحثيث في هذا المقال ، وما تحقق من خلاله.

لكن الوقت لم يسعف تلك الثورة المعجزة لتحقيق كل ذلك بسبب عمرها القصير نتيجة لحدوث ردة تشرين في 1963، لكن البعث وبعد ثورة 17 تموز 1968 وضع نصب عينيه متابعة تنفيذ تلك المبادئ للوصول الى الحل الشامل والجذري للقضية الكردية ، فتم الحل وفق منظور انساني ومن اجل ان ينعم كل شعب العراق من شماله الى جنوبه بالسلام والامن والاستقرار، حيث تم منح الحكم الذاتي للاخوة الاكراد وبموجبه اصبح المواطن العراقي في كردستان العراق يتمتع بحقين في التمثيل السياسي والسلطة التشريعية وليس بحق واحد ، فله تمثيل برلماني من خلال المجلس التشريعي لمنطقة الحكم الذاتي، اضافة الى تمثيل برلماني مركزي من خلال المجلس الوطني

العراقي. اما على صعيد السلطة التنفيذية فقد تم تشكيل مجلس تنفيذي اضافة الى تسمية مسؤول بدرجة وزير لمنطقة الحكم الذاتي، كما خصصت مناصب منها نائب لرئيس الوزراء في العاصمة بغداد، ثم نائب لرئيس الجمهورية اضافة الى عدد كبير من الوزراء والمدراء العامين على صعيد العراق باكمله وكلهم من الاخوة الكورد. وفي الوقت الذي لا يمكن فيه تضمين كافة بنود بيان الحادي عشر من آذار عام 1970 م والحقوق الاقتصادية والثقافية والاجتماعية التي منحت للاخوة في شمال الوطن، فاننا نكتفي بالقول ان تلك الحقوق التي تم منحها بموجب هذا القانون قد فاقت، من حيث تطورها، كل الأمنيات ، حتى ان تجربة الحكم الذاتي للاكراد في العراق بموجب بيان 11 آذار التاريخي قد اصبحت مثالاً يُحتذى به في الوطن العربي وفي العالم في مجال منح حقوق الاقليات ، كما انها اصبحت نموذجاً تتطلع اليه الشعوب التي تطالب بحقوقها في ايرلندا واسبانيا وتركيا وايران وسوريا وكشمير وغيرها.

حينما نستذكر يوم 11 اذار فاننا نشعر بالعز والفخر، اولاً لإنسانية ورقي مبادئ حزب البعث العربي الاشتراكي، والتي تثبت انها عقيدة متطورة ومنفتحة على متطلبات العصر و المرحلة التاريخية التي تعيشها امتنا العربية. ونفخر باننا شعب واحد لايمكن ان تفرقنا اجندات اعداء العراق والامة العربية،

وان الامة العربية واحدة وقادرة على افشال المساعي التي تهدف الى تمزيقها ومن بين اهمها افتعال مشاكل الاقليات واثارة الحروب البينية لتفريق ابناء الوطن الواحد والأمة الواحدة.

وبعد مضي اكثر من 50 عاماً على تطبيق الحكم الذاتي، فأن جميع ابناء شعبنا يستذكرون هذا الحدث العظيم الذي ارسى دعائم السلام واطلق التنمية والامل المشرق في ربوع الوطن، ورغم ان الاعداء والعملاء يحاولون لي عنق الحقيقة لكن الشمس لايحجبها غربال.

فتحية للاحرار الوطنيين من ابناء شعبنا الكردي الذين ما زالوا على العهد محتفلين بهذه الذكرى التاريخية العزيزة.

وتحية لمبادئ البعث الإنسانية العظيمة التي تثبت كل يوم انها الأنجع لمعالجة قضايا وطننا العربي من المحيط الى الخليج.

وتحية لقيادة ومناضلي البعث الذي رسموا ووضعوا الاسس للحل الشامل للقضية الكردية، ليبقى قانون الحكم الذاتي ..
رمزاً شامخاً للوحدة الوطنية والقومية التي تنتصر على كل التحديات..
والصخرة الصلبة التي تتكسر عليها كل المؤامرات..
و منارة عالية تنير طريق الاجيال..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى