عيد بأيّة حال تعود؟! د. محد مراد
عيد بأيّة حال تعود؟!
منذ ثمانينيات القرن التاسع عشر عبّرت الانتفاضات العمالية في الغرب الرأسمالي الأميركي والاوروبي عن عمق التناقض في علاقات الانتاج بين القوى العمالية المنتجة والقوى المالكة لوسائل الانتاج من أصحاب الرأسمال التراكمي من الطبقة المتربعة على عرش المجتمع والدولة والسلطات الحاكمة.
استمر الصدام في غير بلد في العالم ، وكانت النتائج تأتي دائما لصالح الطبقات العمالية الكادحة ، التي كان صدى حراكها الطبقي قد أخذ يشق انتشاره المتسارع على سطح الكوكب الأرضي ، الى العالم العربي ، الى لبنان وفلسطين وسائر الأقطار العربية الأخرى، حيث راحت تتشكّل قوى في المجتمع المدني من نقابية وأحزاب سياسية قامت برامجها على استراتيجيات التغيير الاجتماعي الشامل تأسيسا على كسب الطبقات العمالية المعركة الدائرة مع الأوليغارشيات الحاكمة الاقتصاد والسياسة والمجتمع.
بعد اكثر من قرن على انتصار الثورة البلشفية في روسيا عام ١٩١٧ ، وبعد انتشار الأحزاب الشيوعية في كل العالم وصولنا الى عالمنا العربي، نتوقف امام صورة البشرية الراهنة:
١-على المستوى العالمي دخلت الرأسمالية الليبرالية مرحلة العولمة وهي رأسمالية نيوليبرالية متفلتة ومتوحشة كثّفت من استغلالها ونهبها للأرض كلها، بالمقابل،سقطت التجربة الاشتراكية السوفياتية بعد نحو من ثلاثة ارباع القرن على بدايتها في العام ١٩١٧، الامر الذي شكّل صدمة كبرى للطبقات العمالية وللافكار الاشتراكية أيضا.وها هو العالم اليوم بين اوليغارشية مالية لا تزيد عن ٢٠℅ من السكان ، لكنها تستأثر باكثر من ٨٠℅ من ثروات الارض وما عليها.
٢- عربيا ، سقطت الافكار الاشتراكية قبل ان تأخذ طريقها الى التطبيق في اي قطر عربي، سقطت امام الهجوم الغربي الرأسمالي المتحالف مع الصهيونية والمتظاهر بتحالفه المزيف مع الرجعية العربية الذيلية الحاكمة زورا باسم الوطنية والقومية ، هي الرجعية المكشوفة بوضوح اليوم في عمالتها للقطب الأميركي الاجرامي التسلطي على ثروات العرب النفطية والغازية، في حين يئن الشعب العربي بكل فئاته وشرائحه الطبقية والعمالية تحت ضغط الأزمات الخانقة الاقتصادية والسياسية، ومن الحروب الداخلية المفتوحة المخططة في استراتيجيات الخارج الدولي الاستعماري والصهيوني.
٣- فلسطينيا، ها هو حلف الاطلسي بكل ضخامة ترسانته العسكرية وجيوشه الجرارة وتكنولوجيته التدميرية، يقف الى جانب المجرم الصهيوني في إبادته الجماعية لاكثر من مليوني فلسطيني في غزّّة، وبالتالي لكل فلسطينيي الداخل وصولا الى مخيمات اللجوء في الجوار العربي. ها هو العدو الصهيوني اليوم المدعوم أطلسيا ورجعيا عربيا يقترب الى تحقيق مشروعه التلمودي في قيام دولته اليهودية الكبرى على كل المجال العربي كبديل للوحدة العربية التي طالما حلم بها العرب ، وحلمت بها فلسطين بوصفها الطريق الى التحرير والاشتراكية.
٤- لبنانيا، حدّث ولا حرج ، دولة مجتمع ووطن في مهب الريح ، ازمات متمادية في ضغطها تحت يافطة الطوائف والمذاهب والتقسيم والتفتيت والغاء لبنان من التاريخ..
سؤال كبير اليوم: اين هي النظرية الاشتراكية التي عقدت الطبقات العمالية عليها الرهان لانجاز تحريرها الاجتماعي وانتصار القوى المنتجة ف التاريخ؟
هل المشكلة في النظرية الاشتراكية ام في تطبيقها من قوى حاكمة غير مؤهلة ؟
ماهو المطلوب لانصاف العمال وبناء الاشتراكية والعدالة الاجتماعية؟
يبقى السؤال والاجابة عليه برسم الفكر الانساني في المستقبل.
د. محد مراد