لبنان ، الديمقراطية المنقوصة وحكومات الوحدة الوطنية”الزائفة” : الغاء النظام الطائفي هو الحل ! نبيل الزعبي
لبنان ، الديمقراطية المنقوصة وحكومات
الوحدة الوطنية”الزائفة” : الغاء النظام الطائفي هو الحل !
نبيل الزعبي
في مقاربتنا للوضع السياسي اللبناني القائم على التحاصص الطائفي والمذهبي في مرافق الدولة اللبنانية وادارتها لكافة المفاصل الأساسية والحيوية التي تدار من قِبَل “الدولة العميقة” التي أسسها الانتداب الفرنسي وبقيت ب”أفخاخها” مترسخة مع عهود “الاستقلال”المتعاقبة،لا بد من التوقف ملياً امام واقع غياب رئيس الجمهورية العتيد عن الاحتفال بعيد القديس مار مارون شفيع الطائفة المارونية هذا العام ، ما جعل البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي ينتفض غضباً من هذا الغياب ويكرر المطالبة بانتخاب الرئيس امس قبل اليوم وغداً ، غير ان ما أضافه غبطته على نقده اللاذع لهذا التلكؤ الكبير في تحرك المجلس النيابي وكتله في ممارسة ما عليهم من واجبات دستورية ، انه أضاف مطالبته بوضع حد لحكومات الوحدة الوطنية الزائفة، كما اسماها ، وإنتخاب رئيس للجمهورية يحيي اللعبة الديموقراطية في النظام اللبناني، كما رأى من اهمية لتطبيق الديموقراطية في الحياة السياسية الداخلية ، الأمر الذي يستدعي
الاضاءة على عقم هكذا حكومات طعنت الديموقراطية اللبنانية تحت مسمى “الوحدة الوطنية”، اقله لأكثر من ثلاث عقود خلت من السنين ، فادخلت بدعةً جديدة على مفاهيم الديموقراطية في لبنان حين جعلت منها “ديموقراطية توافقية” لم يسبق لاي نظام ديموقراطي في العالم ان نحا إلى هكذا ديموقراطيات لسبب اساسي وحيد ، وهو انها تلغي نفسها بمسمى “التوافقية” فلا تمت باية صِلَة لمبداً “الأكثرية تحكم والأقلية تعارض”، عندما فرضت الأعراف الجديدة على أجبار كل رئيس حكومة مكلف لتشكيل حكومته عبر تخصيص وزير لكل اربعة نواب ، وأقل من ذلك احياناً , ليصل عديد وزرائه إلى الثلاثين وزيراً في دورات عدة ، والأربع وعشرين في اخرى ، دون تبديل في مقاييس الاختيار القائم على جمع كل الكتل النيابية المتناقضة، موالاةً ام معارضة، في حكومة واحدة بذريعة التوافق الوطني فتنقل خلافات الشارع السياسي إلى داخل التشكيل الحكومي وتجعل من شد الحبال السياسي بين الكتل يتفاقم تشنجاً وتأزماً عندما يستقل كل وزير بوزارته لنكتشف ان للحكومة العتيدة رؤساء بعديد الوزراء فيها ، يُدارون من مرجعيتهم السياسية مباشرةً ، وليزيد من التشرذم فيها عندما ينخرط الرؤساء الثلاثة في هذه اللعبة فيتقاسمون المغانم عندما يتوافقون ويدفعون الشعب إلى ان يتكبّد المغارم عندما يتصادمون وتنتقل خلافاتهم إلى الشارع الذي لم يعد يحتاج إلى التسعير السياسي المتأجج غرائزياً بعدما مزقته الولاءات الطائفية والمذهبية إلى هذه المرجعية وتلك .
ان استمرار النظام الطائفي وادارته من قِبَل منظومة سياسية فاسدة ، لا تقتصر الشكاوى منه على طائفة لبنانية دون أخرى ، وبالتالي لا يمكن ان يحقق الامان لطائفة دون سواها ، طالما ان المنظومة بتكوينها وتفكيرها هي “الطائفة”الأكبر في لبنان والعابرة حقيقةً لكل الطوائف والمناطق ، غير انها تمتاز عن غيرها ، ان لا دين لها ولا مذهب سوى مصالحها الخاصة التي تجمعها معاً في احكام قبضتها على رقاب الشعب اللبناني ، تارةً باسم الطائفة ، وأخرى باسم المذهب ، وكلا المذهب والطائفة منها براء ، وان السلاح الأمضى والأقوى لمواجهتها هو انتزاع الدين منها وتركه لاربابه يتعبدون الخالق في اماكن عبادتهم ، ولَكَم كان بعيد الرؤيا والنظر من طرح شعار ” الدين للّه والوطن للجميع” من منطلق ان الوطن يتسع لجميع ابنائه لاي دين انتموا طالما كانت ” المواطنة” اساساً هي الحضن الكبير الذي يتسع الجميع ،والسقف العالي الذي يظلّل ليحمي ويجمع دون ان يفرّق .
ان اي رئيس قادم من رحم هذه المنظومة الفاسدة ، لن يحمي اللعبة الديموقراطية حتماً ، وانما سيكون عبئاً اضافياً فوق كل ما يعانيه اللبنانيون من مصادرة للحياة السياسية على ايدي هذه المنظومة ،
وان الغاء الطائفية لا يعني الغاء الأديان وانما لتنزيهها عن توريط نفسها في اللعبة السياسية التي يُترَك امرها لسياسيين لا يعنيهم الدين بقدر ما تعنيهم مصالحهم على حساب كل دين ، وبذلك يتسنى للديموقراطية ان تكون في أبهى تجلياتها فلا تحتاج إلى رئيس يحميها بقدر ما تشكل الحاضنة للوطن الواحد الموحد يجد فيه الامان كل مواطن رئيساً كان ام مرؤوساً مهما كان حجم ونفوذ هذا وذاك .