مقالات

لقاءِ القِوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي

لقاءِ القِوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي
د. عامر الدليمي
في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له امتنا العربية في اغلب اقطارها، وفي ظل غياب اية حدود او سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس اخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت الى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرآى ومسمع من العالم اجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني.

في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الانظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، ان تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى الى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الامة في وجودها.

ويتقدم تلك الاولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية

وموضوعية على اسباب الإنكسارات والتراجعات والإستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الاسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الاساسية والمصيرية تحرق الامة وتنهي هويتها ووجودها.

وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي.

ومن هنا فان لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل الى مشروع يمكِّن الامة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساسا لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها.

ان ذلك من شأنه ان يرسم الخطوات الاولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الامة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساسا لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية.

ان كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها الى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت اليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في اقطار امتنا العربية بدءً من المشرق واندفاعاً نحو اقطارها في شمال افريقيا.

إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الامة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من ألإستعباد وألإستبداد والهزيمة والتشظّي.

ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفين والمفكرين والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة ألأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء او العواطف او التنظير العقيم.

على ان مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط اساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى