بياناتقيادات الأقطار

بيان بمناسبة الذكرى 77 لتأسيس حزب البعث العربي الإشتراكي-حركة البعث -تونس

:

– مشاركة الأحزاب الوطنية والمنظمات الإجتماعية والحقوقية شرط لا بد منه لنجاح مسيرة الإصلاح والبناء
– تضارب وتناقض كبيرين، بين »تقييم وضع« و »ضمان الحريات« التي تدعيه الحكومة وبين الواقع الراهن، وما تفيد به أغلب المنظمات الحقوقية المحلّية. الذي يشير إلى »تدهورها « في البلاد بشكل ملحوظ وخطير

تهلّ علينا اليوم الذكرى السابعة والسبعون لميلاد حزبنا العظيم حزب البعث العربي الاشتراكي الذي ولد من رحم معاناة الأمة وآلامها في زمن كادت فيه الأمة تفقد علاقتها بماضيها وثقتها بمستقبلها وإرثها وتاريخها وثقافتها وهويتها بسبب ما حِيك ضدها من تآمُر صهيوني إمبريالي استعماري بغرض الهيمنة على مُقدراتها ونهب ثرواتها والتحكم بمصيرها وفرض الوصاية عليها لجعلها أمة هزيلة منقسمة على نفسها غير قادرة على البناء والمواجهة والصمود أمام المشروع الصهيوني الاستعماري التوسعي وإقامة كيانه المسخ.

أيتها الرفيقات أيها الرفاق،

لئن كان إحياء ذكرى التأسيس والإحتفاء بالمؤسسين في هذا اليوم المبارك، فإنه بالنسبة لنا في القطر التونسي، هذه السنة، تزامن مع وفاة الرفيق المناضل يوسف الشارني، الأمين العام للحزب في تونس الذي وافته المنية يوم السبت 23 مارس الموافق ل 13 رمضان بعد معاناة من مرض عضال.
فقدنا بوفاته أميننا العام واحداً من خيرة مناضلي الحزب وقيادييه الذين واكبوا مسيرته النضالية منذ تفتح وعيه السياسي على قضايا تونس الوطنية والاجتماعية كما قضايا الأمة القومية وفي طليعتها قضية فلسطين.

أيتها الرفيقات أيها الرفاق،

إن مشاعر الفرحة بحلول ذكرى التأسيس قد شابها حزن بفقد الرفيق العزيز، فلا أقل، بهذه المناسبة، من أن نتقدم إلى أسرة الرفيق العزيز، يوسف الشارني، وإلى كل الرفيقات والرفاق في حزبنا بأحر التعازي الأخوية، نعاهد روحه، وروح رفاقنا المؤسسين وكل قادة الحزب، ونلتزم لرفاقنا وللشعب التونسي بأننا سنواصل المسيرة بنفس روح الصدق والالتزام والعطاء التي كان يتحلى بها رفيقنا العزيز يوسف، وسنكون في مستوى المسؤولية الوطنية والقومية لإكمال المسيرة .
فلرفيقنا العزيز المغفرة والرحمة وليبعثه الله مع الشهداء والصديقين والأبرار، ولعائلته وأهله وأحبابه وذويه الصبر والسلوان.

يا أبناء أمتنا المجيدة،

إن العدوان الحالي على الشعب الفلسطيني وعلى قطاع غزة بالخصوص، هدفه تصفية القضية الفلسطينية قضية العرب المركزية، وإيقاع أكبر ألم وأذى لأبناء القطاع ومحاولة تهجيرهم من جديد. وقد شاهد العالم أن العدوان الصهيوني وحرب الإبادة على قطاع غزّة كانا مدعومين بطريقة لا مثيل لها من القوى الإمبريالية والصهيونية، الأمر الذي لم يترك مجالا للشك في أن هذا الكيان ما هو إلا مشروع استعماري إمبريالي غربي بالمنطقة، ومنصة متقدمة للعدوان على كل الأمة العربية. حيث شهد العالم أن الدول الغربية توفّر دعما لا محدودا للكيان الصهيوني إنْ على المستوى العسكري واستخدام القوة ضد الفلسطينيين، أومن خلال الدعم السياسي عن طريق استخدام حق الفيتو في مجلس الأمن لصالحه وعبر توفير المال والسلاح بشكل لا محدود . وقد أظهر هذا التحالف الفاضح مدى استخفاف هذه الدول بالقيم الإنسانية وبحقوق الإنسان، وسط صمت عربي رسمي وانخراط مذل في مسار التطبيع مما يستدعي من كل القوى القومية والوطنية التصدي له بكل قوة. وبشكل مثير للقلق، تشارك العديد من الأنظمة العربية في هذا التواطؤ المفضوح، حيث يلعب النظام الرسمي في مصر والأردن والخليج والمملكة المغربية دورًا مشينًا في دعم العدوان على الشعب الفلسطيني لإخضاعه وقتل فكرة المقاومة فيه (ولكن هيهات)، سواء بشكل مباشر من خلال التمويل، أو غير المباشر من خلال التواطؤ السياسي والدبلوماسي. يتم كل ذلك بعد غزو العراق والسماح لإيران بالتمدد فيه وبعد إدخال سوريا في حرب أهلية وإشعال حرب بين اليمنيين وكذلك في السودان حيث يجري اقتتال عنيف لا غاية منه إلا تدمير هذا البلد، دون أن ننسى ما حصل لليبيا وما يجري فيها الآن وكلها أقطار تواجه تحديات داخلية تجعلها عاجزة عن تقديم أي دعم فعّال للشعب الفلسطيني

اليوم.
مع ذلك، تظهر بعض الدول مثل تونس والجزائر تضامناً قوياً مع الشعب الفلسطيني، وتبدي استعداداً لدعمه بمختلف الوسائل المتاحة غير أن “العين بصيرة واليد قصيرة” كما يقال.
أيها الرفاق، لا ولادة بدون ألم، إن ما يحدث في فلسطين أعاد إلى القضية الفلسطينية ألقها ووضعها من جديد في دائرة الاهتمام الدولي وذكّر بها الجيل الحالي من الشباب الذي لم يعش النكبة ولم يقف على المجازر التي ارتكبت في حق الشعب الفلسطيني في الماضي والأهم أنه أظهر ضعف المحتل وعجزه عن تحقيق أهدافه، حيث أثبتت فصائل المقاومة، رغم الاختلاف الكبير على مستوى الإمكانيات المادية والعسكرية، أن المداومة والصبر كفيلان بهزم العدو، وأثبتت أنه لو توحد العرب وراء قضيتهم لحققوا انتصارات كبيرة. وهذا ليس بعزيز على الشباب الفلسطيني والعربي الذين يشاهدون ما يحدث اليوم بغزة.
وها أن العدوان الحالي على الشعب الفلسطيني، وعلى قطاع غزة بالخصوص يؤكد بالملموس هذا الترابط الإمبريالي الصهيوني، بل والاتحاد بينهما من جهة وخيانة النظام الرسمي العربي وتواطؤ أهم مكوناته في مصر والخليج والمغرب الأقصى، لقضايا الأمة والوطن.

أيها الرفاق البعثيون الصامدون في كل مكان.

الجميع يدرك أهداف حزبنا العظيم ومبادئه وفكره القومي المعبر عن آمال الجماهير العربية وكلنا مؤمنون بهذا ومعنا جماهير أمتنا العربية، فحزبنا هو رائد الفكر القومي المعاصر، لأنه فكر قومي وحدوي يميل إلى الاندماج والاتحاد، على وجه ليس معتادا في تاريخ الحركة الحزبية العربية.
إن رسالة الإسلام تعد من “مكونات القومية في الأمة العربية” في فكر البعث، فالإسلام ارتبط بالعروبة ارتباط الروح بالجسد، وتجربة الإسلام وحياة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم ” كانت استعدادا دائما للثورة والنهوض العربيين، والحركة القومية يمكن أن تستلهم تلك التجربة الإنسانية الفذة، لذلك رفض فكر البعث الإلحاد تحت ستار العلمانية كما كان شديد الحرص على حرية الرأي والتعبير، واعتبر الحرية منهج حياة ينبغي ترسيخها في الواقع السياسي والاجتماعي، لذلك قطع مع كل تجليات التناقض بين الفكر والسلوك فيما يتعلق بالحرية والديمقراطية.
لقد جمع فكرنا مفاهيم القومية والوحدة والحرية والاشتراكية في بوتقة فكرية واحدة، وقدمها بلغة بلاغية مميّزة، لجماهير الأمة، وهاهي الأيام وما مرت به الأمة من أحداث بلغت في بدايات القرن الواحد والعشرين حد الغزو المسلح لأقوى قطر في الأمة واستبدال الحكم الوطني فيه بحكم طائفي متخلف وعميل، وهاهي الأحداث الجارية عل قدم وساق، تؤكد، صحة هذا الفكر وأن حاجة الأمة للوحدة والحرية والاشتراكية تساوي نهضتها وتقدمها وتساوي حاجتها للحياة والبقاء وسط عالم تتصارع فيه القوى الاستعمارية على مقدراتها وعلى أمنها وعلى سيادتها وكرامتها وتنتقص من أراضيها ومن حرية شعبها. لذلك قرَن حزبنا الفكر بالممارسة السياسية، وأعطى الفكر القومي العربي مضمونا اجتماعيا معبّرا عنه “بتلازم القومية والاشتراكية” وتفاعلهما، ونزوعهما الروحي الإنساني.
(إن ثوابت فكرنا لا يمكن أن تجد فيها ثغرات توهنها أو ما يجعل منها مادة للمراجعة)، ومع ذلك فنحن نقر دون خجل وبتواضع، أن وسائل وأدوات تنزيل هذا الفكر في واقع الأمة، لتحمل الجماهير أهدافها في الوحدة والحرية والاشتراكية وتنتصر بها، باتت اليوم في حاجة منا إلى التطوير، وإلى نقد هادئ بناء، وإلى إبداع يحقق للوسائل والأدوات، ما يرتقى به الى مستوى فكر البعث ولمستوى أهداف الأمة في وحدتها وحريتها وعدالتها في كل المجالات ومناحي حياة شعبها، وهذا يستدعي عطاء جديدا وروحا جديدة وهي بالأساس مسؤولية كل الرفاق في المقام الأول لتطوير أساليب العمل وتطوير أدواته بما يناسب الواقع وما بلغه التطور العلمي .

أيها الشعب التونسي العظيم،

لقد ناضل حزبا في تونس من أجل احترام الحريات وحقوق الإنسان وأهدافها، وعمل بكل الوسائل على تكريسها في تونس، وتعرض أعضاؤه خلال فترة حكم بورقيبة وبن علي للتعذيب والمطاردة والتضييقات المتعددة، أقلها الفرز الأمني والمنع من الشغل والحرمان من جواز السفر، وقدم على هذا الطريق عديد الشهداء ، نستذكرهم اليوم للترحم عليهم وللفخر والاعتزاز بهم وليس منًّا على الوطن أو للمطالبة بثمن ذلك. وقد سعى الحزب بعد 14 جانفي، إلى الاضطلاع بذات الدور من خلال دعوة كل الحكومات التي تعاقبت الى احترام الحريات الأساسية وإطلاق سراح المساجين السياسيين والنقابيين، ومعتقلي الرأي بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية وميز في هذا الشأن بين الحريات ودور الأحزاب والحركات والشخصيات في ممارسة حقها في العمل السياسي وبين ما ظهر على الساحة من فساد سياسي وإعلامي وما أدى إليه من نتائج طالت مجالات الاقتصاد والمالية وقطاعات كثيرة، ودعا السلطة، ويدعوها اليوم الى الكشف عن كل الملفات القضائية المتعلقة ببعض السياسيين الموقوفين، وتوضيحها للرأي العام، وتسريع الفصل فيها في محاكمات عادلة وضمان كل حقوق الدفاع، فمن شأن ذلك توضيح الصورة وإعطاء الحقوق، بعيدا عن الشيطنة وتبادل الاتهامات بين السلطة وهؤلاء المساجين وأنصارهم ومن يتخذهم حصان طروادة للتموقع في المشهد الإعلامي والسياسي.

أيتها الرفيقات أيها الرفاق

لئن كانت الحكومة ترى أن الحريات مضمونة في الدولة التونسية أكثر من أي وقت مضى!!! ونشرت ذلك على صفحتها الرسمية على » فايسبوك « الخميس 21 مارس 2024.
فإنه بالعودة على الأحداث والوقائع في الآونة الأخيرة ودراسة مختلف التقارير الصادرة عن المنظمات الحقوقية نلاحظ تضاربا وتناقضا بين »تقييم وضع« و »ضمان الحريات« التي تدعيه الحكومة وبين الواقع الراهن الذي يشير إلى »تدهور« الحريات في البلاد بشكل ملحوظ وخطير حسب ما تفيد به أغلب المنظمات الحقوقية المحلّية.
وبإمكان أي مواطن أن يقف على قيمة الضمانات وحالة الحرية من عدمها، عندما يتعرض لهذا الواقع وبشكل أدق عندما يحتك مباشرة مع أجهزة الدولة التي يفترض بها إضافة لتنفيذ القانون، السهر على ضمان الحريات للأفراد وضمان حسن المعاملة بما يولد إحساسا بالاطمئنان حقا إلى أن الحريات مضمونة. ولكن هذا الاطمئنان يظل مفقودا إلى حد كبير.
إن إجراءات/نسار 25 جويلية، تمت وانتهت وأثمرت هذا التغيير في النظام السياسي، في شكل السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية والعالقة بينهما. ودخلنا بالتالي مرحة جديدة، مرحلة الإصلاح والبناء، وهي المرحلة التي يجب أن يشارك فيها الجميع، بالتصور والتنفيذ، فليس هناك من أحد يمتلك الوعي بكل الماضي، والإحساس بكل الحاضر والتخطيط لكل المستقبل، دون مساهمة المنظم السياسي أحزابا ومنظمات اجتماعية وحقوقية.

أيها الشعب التونسي العظيم،

دخلت تونس سنتها الحالية بخطى بطيئة على مستوى الاقتصادي المتعثر منذ أكثر من عقد، بسبب السياسات التي اعتمدت طوال عقود من الزمن مضافا لها تداعيات كوفيد وتواصل موجة الجفاف ونقص إنتاج الحبوب نتيجة نقص المياه، وهذا الإرث عمق الأزمة الاقتصادية والاجتماعية، في ظل توتر دولي وحروب تكاد تعصف بالتوازنات الاستراتيجية المستقرة منذ عقود، وفي ظل ركود اقتصادي غير مسبوق، ووسط تعثر في تحصيل تمويلات جديدة خاصة بالعملة الصعبة وتأخر في تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية اللازمة..
وكل الإجراءات التي تم ضبطها في قانون المالية لسنة 2024 لن تدفع اقتصاد البلاد الى الأمام في ظل مؤشرات تؤكد تواصل أزمة التداين ونقص السلع والمواد الأساسية. وقد انتهجت الدولة سياسة التعويل على مواردها الذاتية وإن كانت في الواقع ضعيفة، وهي تعول على سياسة التقشف لمواجهة التحديات الجديدة التي ستواجهها خلال السنة الجارية، ويرى حزبنا أن السياسة الوطنية يجب أن تعول بالقدر الأول على مواردنا الوطنية وعلى العمل وخلق الثروة وتجنيب البلاد المزيد من التداين الخارجي على أن توضع البرامج والخطط الكفيلة بإنجاح هكذا سياسات وإعلام الشعب بذلك ليساهم في إنجاحها بالعمل والتضحيات ومواجهة الصعوبات المنتظرة ، إذ أن هذه السنة ستكون سنة صعبة بامتياز على مستوى تسديد الديون الداخلية والخارجية بعد سياسة التقشف التي انتهجتها الدولة على مستوى الواردات خلال كامل سنة 2023، ( 24.7 مليار دينار منها 12.3 مليار دولار استخلاص ديون خارجية…)، تمثل استحقاقات ضرورية مطالبة تونس بسدادها خلال هذه السنة وسط رؤية سياسية واجتماعية واقتصادية غير واضحة.
إن هذه الصعوبات لا تخفي عنا في نفس الوقت، حقيقة أن تونس كسبت رهان التوازنات المالية، على غرار نجاحها في تسديد ديونها الخارجية، وهو رسالة جيدة إلى شركائها في الخارج، إلا أن ذلك تحقق على حساب الاقتصاد الحقيقي عبر التقليص من التوريد من المواد الأولية، ومن المواد نصف المصنعة الضرورية لعملية الإنتاج في الاقتصاد الوطني المرتبط أساساً بالخارج تكنولوجياً، وهو ما يعكس أيضاً النقص في حجم الاستثمار، وهو ما أنتج ركوداً تضخمياً وتراجعاً للنمو الاقتصادي ومن شأن استمرار هذا الوضع، دون حلول عاجلة وآجلة، أن يؤدى إلى تفاقم البطالة، والى مزيد تدهور القدرة الشرائية للمواطنين، ويدعو الحزب، الى التركيز على النمو الاقتصادي والتشغيل وعلى محاربة الفساد والتهرب الجبائي وإصلاح المنشآت والمؤسسات العمومية، وتنمية المقدرة الشرائية للتونسيين، والتوجه بخطاب متوازن إلى الداخل من أجل تشجيع الاستثمار ودفع محركات النمو.

يا جماهير شعبنا العظيم

لقد نبه حزب البعث منذ ما قبل 2011 وما بعده إلى الأزمة التي بدأت تلوح منذ ذلك التاريخ على مستوى الاقتصاد الكلّي، بدءًا من العجوزات المالية العميقة، ومرورًا بتقلُّص الحيّز المالي، ووصولًا إلى المفاوضات الصعبة مع صندوق النقد الدولي والإتحاد الأوروبي، والتي زادتها إرهاصات المواعيد الانتخابية والوعود الزائفة معضلات على معضلاتها والتي منعت الحكومات المتتالية، وسط صراع من أجل تقاسم مغانم السلطة وكعكة الحكم، بل ألهتها عن القيام بالإصلاحات الاقتصادية الكبرى، فتذرع الجميع بأن ذلك قد يشعل أزمةً اجتماعية سياسية، وتناسى الجميع أنه من دون إجراءات قوية ومدروسة واجتماعية في أهدافها، قد تدخل البلاد في دوّامة الانهيار الاقتصادي لا قدر الله.
وهكذا عاشت تونس منذ العام 2011 بما يتجاوز إمكانياتها، وعلى ما تدفّق من القروض وبعض المساعدات الخارجية تحت ذريعة دعم عملية التحوّل الديمقراطي، وهذا التمويل بما يعنيه من رهن للبلاد ولقرارها السياسي أدّى إلى طفرة استهلاكية “غير مستدامة” . وما زاد الأمور سوءًا أن القدرة الإنتاجية للبلاد بدأت تتراجع بفعل غياب الاستقرار السياسي وانعدام توازن الاقتصاد الكلّي، فازدادت بذلك إمكانية حدوث انهيار مالي خطير. وكان لابدّ من إجراء إصلاحات ضرورية لإبعاد شبح الأزمة لذلك يرى الحزب أنه يجب على النظام السياسي التونسي الحالي أن يجد القدرة على تفادي مثل هذه النتائج الكارثية وتلافي المخاطر التي تزداد يومًا بعد يوم، حيث ينبغي اتّخاذ الإجراءات اللازمة للتصدّي لها، واختيار نطاق وتوقيت ونوع البرنامج المطلوب تنفيذها لمعالجة مشاكل البلاد، بتطبيق تدابير إصلاحية تراعي الأوضاع الاجتماعية ولا تؤدّي إلى اندلاع أزمة اجتماعية سياسية، وفي نفس الوقت تمنع حدوث انهيار اقتصادي في المستقبل، والابتعاد عن الخيار الأسهل سياسيًا الذي اعتمد طيلة العشرية السابقة والقائم على المماطلة وكسب الوقت، وتأجيل الأزمة وترحيلها، وكل تأخير في إصلاح

جذري مدروس ومحل توافق سياسي ومجتمعي هو ما يبعد نذر تفجُّر الأوضاع بشكل أكبر.
إن التحدّي اليوم، يكمن في فتح كوّةٍ للخروج من نفق الأزمة المظلم، من خلال تعزيز الثقة في مشروع وطني يُعدّ مقبولًا سياسيًا واجتماعيا ويستطيع النهوض بالبلاد نحو مستقبل واعد وذلك للتعامل مع جذور المشكلة، وتخفيف الضغط الممارَس على القطاعات المختلفة ويرى حزبنا أن تحقيق الإصلاح ليس بالأمر المستحيل على العقل التونسي إذا توفرت إرادة البناء لدى الجميع وحضي مشروع الإصلاح المرتجى بمشاركة كل الأطراف السياسية والاقتصادية والمالية والاجتماعية في إعداده بروح وطنية صادقة بعيدا عن التنافس والمناكفات السياسية …

أيها الشعب التونسي العظيم،

اعتبر حزبنا أن إصلاح الثقافة والتعليم في الدولة أمر حيويً لتحقيق التنمية الشاملة والارتقاء بالمجتمع. ويعتبر الاستثمار في الثقافة وتعزيزها أساسًا لبناء دولة متقدمة، حيث تسهم الثقافة في تعزيز الهوية الوطنية وتعزيز القيم والتقاليد الإيجابية.
ويأتي دور الدولة من خلال دعم المبادرات الثقافية وتعزيز التربية والتعليم، وتشريك أهل الخبرة والكفاءة، بما يمكن من تطوير التعليم العمومي برامج ومناهج ووسائل، ومن تعزيز الوعي الثقافي والتنوع الثقافي في المجتمع. بالإضافة إلى ذلك، يسهم الاستثمار في الفنون والآداب والتراث في تعزيز الابتكار والإبداع وخلق بيئة مشجعة للابتكار والتطوير في جميع المجالات.
ولاشك أن ميزانيات الوزارة المشرفة على الثقافة بقيت في مستويات متدنية وهي لا تساعد على وضع مخططات هادفة في هذا المجال، والغالب عليها أنه يتم توزيع مخصصاتها على القطاعات الثقافية المختلفة بمنهج القسمة وفق الموجود وبشكل تغلب عليه ترضية القطاعات أكثر من النهوض بها، مضاف لذلك عزوف القطاع الخاص والبنوك عن الاستثمار في هذا القطاع الحيوي، ويرى الحزب أن على الدولة وضع المخططات اللازمة لهذا القطاع وحث القطاع الخاص على الانخراط في ذلك، وعلى الدولة أن تبادر بتنفيذ مشاريع كبرى ورائدة لوضع قطار الثقافة على السكة.

أيها الشعب التونسي العظيم،

لم يتمكن الإعلام طيلة فترتي حكم بورقيبة وبن علي، من أن ينزع عن نفسه عباءة السلطة وأن يتحرر من “إعلام التعليمات” وتمجيد الحاكم، وانتظر التونسيون أن يستفيد هذا القطاع من جرعة الحرية التي توفرت غداة 14 جانفي 2011 ولكنه للأسف لم يبحث عن استقلاليته وأداء دوره الوطني في خدمة قضايا الشعب، بل إن أغلبه، المرئي والمسموع والمكتوب، يفتقد في اغلبه للموضوعية وتحري الصدق ودقة ما ينقله من معلومات، ويفتقد للكفاءات الفكرية،… فسعى للتأثير في الرأي وانخرط أغلبه في بوتقة الولاءات السياسية وتحول مع الوقت خادما لها يتأرجح بين موالاة هذا الطرف ومخاصمة الطرف الآخر، لذلك يرى الحزب أن الإعلام (المرئي والمسموع والمكتوب) لازال يواجه تحديات متعددة تهدد وضعه إذ نراه يقدم برامج هابطة لا تنفع الشعب بل روجت لسلوكيات جديدة غريبة على الجماهير وخاصة الشباب، وإن ما يقدمه هذا الإعلام تسبب في تشويه السياسة وفي تشويه المعلومات وساعد على انتشار الأخبار المزيفة وكل ذلك تسبب في تردي الإعلام، مما أثر سلباً على مصداقيته وثقة الجمهور به.
أيتها الرفيقات، أيها الرفاق،
إننا إذ نتحدث بهذه المناسبة البعثية ذات الدلالة، ونسهب في القول، فلأن أوضاع الوطن والأمة مؤلمة إلى حد العظم… ولكن دون أن ننسى أن الوحدة هي الغاية والحرية هي الغاية والإشتراكية هي الغاية، وما الحزب إلا أداة الأمة لبلوغ تلك الغاية، وهي ليست الأداة الوحيدة، فأوضاع الامة من الصعوبة بمكان ومن التعقيد بمكان مما يجعل حزبا واحدا او تيارا أواحدا غير قادر على التصدي لها والنهوض بها لوحده، فلتجعل امتنا وقواها الوطنية الثورية من الوحدة والديمقراطية عنوانا لهذه اللحظة ولينصب كل جهدها لفائدة قضيتنا المركزية قضية فلسطين وشعبها ومقاومته وقضية الأحواز العربية وكل القضايا العربية…
تهانينا المباركة للقيادة القومية وعلى رأسها الأمين العام المساعد الرفيق القائد علي الريح السنهوري وكل رفاقه في القيادة…
تهانينا المباركة لقيادة حزبنا في تونس ولكل رفاقنا أعضاء وأنصار ومؤيدي الحزب …
تهانينا المباركة لكل البعثيين في عموم الوطن العربي وأينما وجدوا في المهجر.
والتحية والإجلال لأمتنا العربية المجيدة ولشعبنا العربي في تونس.
الرحمة للقائد المؤسس والسلام لروحه الطاهرة وإلى كل من توفى من قادتنا الكرام.
المجد والخلود للشهيد الرمز الرفيق الأمين العام للحزب البطل صدام حسين المجيد،
المجد والخلود لكل شهداء البعث وكل شهداء الأمة.
عاشت فلسطين حرة أبية من النهر إلى البحر ولرسالة أمتنا الخلود.

اللجنة التنفيذية 07 – 04 -2024

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى