مقالات

طوفان الأقصى..وطوفان الفكر القومي – رؤية للمشتركات والثوابت- بقلم د-عزالدين حسن الدياب

هل من سبيل للمقارنة أو المماثلة والمشابهة بين طوفان الفكر القومي،وطوفان الأقصى،هل من شرعية منهجية لهذه المقارنة،وكلاهما أتى في زمن ووقت، متباين ومختلف في المستوى الحضاري،ومعطيات العصر،والنظام العالمي،وماحمل في تغير القوى والأطراف الدولية،المتحكمة في هذا النظام،؟

في البحث عن شرعية المقارنة بين الحدثين،لابد من البحث عن مسوغ يضمن هذه الشرعية،ويوفر لها المشتركات

والمقاربة إذ تطرح إشكالها على النحو الذي أتت به،ترى في طرح،التأثير الذي أحدثه الفكر القومي في الوعي الشعبي العربي،وما رافقه وساكنه،ومن ثم من أحداث قومية،كانت بدايتها الحراك الشعبي،وانتفاضات الشارع العربي،كانت هذه الانتفاضات-المظاهرات تنتقل من ساحة عربية،إلى ساحات عربية أخرى،وصولا إلى تجلياتها في اغلب العواصم العربية، ومطالب هذه المظاهرات،كانت تعبر عن نفسها،في مطالب التحرر الوطني،وخروج الاستعمار من الوطن العربي،بجناحيه المشر والمغرب،ومقاومة الأحلاف،مثل حلف بغداد ،وخروج القواعد العسكرية،من مناطق وجودها وتعييناتها وتموضعها في هذه البقعة،من الوطن العربي وتلك.

ولم يكن هذا سيحدث،لولا ثلاثية الفكر القومي في الوحدة والحرية والاشتراكية،تلك الثلاثية التي أتت في شرحها وتنظيرها، للقضايا العربية المصيرية،وما تلاقيه وتواجهه من تحديات داخلية وخارجية،الشرح والتنظير لإشكالات الواقع العربي آنذاك،التي بدأت تطفو في الحياة العربية،وتظهر بوادرها هنا وهناك من الأقطار العربية،غداة الحرب العالمية،وتمثلت نتائجها في نهوض الشرائح الاجتماعية التي يتكون منها البناء الاجتماعي العربي على اختلاف مستوياته الجهوية،والوطنية،والعربية-القومية،ومشاركتها في فعاليات مواجهة التحديات التي كانت تتعرض لها الأمة العربية في كل أقطارها.

وكان لمأساة ونكبة فلسطين،شأنه ومكانته في الفكر القومي تحليلاً وتفسيراً،ومن وضع المعاني السليمة له،وأهمها أن القضية الفلسطينية،قضية مصيرية مستقبلية،بل هي قضية إنسانية،حيث نبه الفكر القومي،إلى مخاطر الحركة الصهيونية

على الإنسانية،لأنّ عقيد هذه الحركة فيها تهديد لإنسانية الإنسان،بسبب غلوِّها في رفض الآخر،الذي هو كل ت

البشر غير الشعب المختار. ومن الجدير بالقول،إن الفكر القومي في ربطه بين مصيريتها،والوحدة العربية،كان له شأنه في إحداث نقلة نوعية في الوعي الوحدي،وأن هذا النضال جزء لايتجزأ من النضال ضد الإمبريالية العالمية.

وإذا أخذنا هذا النضال بالحسبان،من حيث تجلياته وطنيا وقومياً وإنسانياً،من حيث القضاء على الأحلاف،والحشد الشعبي وراء القضية الفلسطينية،والحروب العربية ضد الكيان الصهيوني،وتلاقي الحركة الشعبية العربية،مع حركات التحرر في العالم.تراه المقاربة بعين من أنه الطوفان القومي.

وتذهب المقاربة إلى طوفان الأقصى،وتراه بعين مستقبلية،من حيث نهوضه بالقضية الفلسطينية، نهوضاً وطنياً وقومياً وعالمياً،وتغير مكانتها وتحليلها في الرأي العام العالمي،فقد احدث طوفان نقلة نوعية في هذا الرأي،بحيث أصبح قضيتها

النضالية،لأنّ طوفان الأقصى عرى الكيان الصهيوني،ونزع عنه ادعاءاته،بشرعيته التاريخية التي يدعيها،وأثبت بالحقائق الثقافية والعسكرية والاقتصادية،بأنه جزء من الإمبريالية العالمية،وقاعدته الأمامية،كما أبان حقائق الثقافة الصهيونية،من إنهاء ثقافة عدوانية،استئصالية،إباديةزتهجيرية،

تدميرية،وأضاف إلى شرعية النضال الوطني الفلسطيني،شرعية حركة التحرر الوطني الفلسطيني،بكل فصائلها ومكوناتها،وشرعية نضالها ضد الكيان الصهيوني،وأهم مافي هذه الشرعية نضاله،الذي أثبت فيه للرأي العام العالمي،

بضرورة إزالة هذا الكيان،الذي يحمل في تكوينه وثقافتهً ودوره تهديداً للوجود الإنساني برمته،وما جرى لغزة من هذا الكيان برهان فلسطين على مخاطره التي يراها العالم.

وينلاقيان ..طوفان الفكر القومي العربي،وطوفان الأقصى في معركة المصير العربي من خلال الثوابت والمشتركات ومن تراب غزّة العز والكرامة والفداء.

د-عزالدين حسن الدياب -الثاني من رمضان-تونس.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى