مقالات

جريمة تفجير المرفأ ، هل تحولت الايام الخمس الى “ايام ضوئية” كي تنتهي التحقيقات ! نبيل الزعبي.

جريمة تفجير المرفأ ،
هل تحولت الايام الخمس الى “ايام ضوئية” كي تنتهي التحقيقات !
نبيل الزعبي.

مع الساعات الاولى على ارتكاب جريمة تفجير مرفأ بيروت في الرابع من شهر آب في العام ٢٠٢٠ ، خرج رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال عون في تصريحٍ سريع متلفز يُطَمئِن اللبنانيين ان التحقيقات ستبدأ منذ تلك اللحظة وستستغرق خمسة ايام على الأكثر للوقوف على اسباب الجريمة التي سُمّيَت بجريمة العصر لِما ألحقته بدمار لنصف مدينة بيروت واستشهاد ٢٢٠ وجرح ٦٥٠٠ من قاطنيها بما في ذلك ما حصل للمرفأ واهراءات القمح والحبوب واتلاف الاقسام الكبيرة من الإنشاءات إلتي عُرِضَت مؤخراً للبيع كَخُرْضَة!
لم تتطابق حسابات حقل الايام الخمس للرئيس الشرعي “القوي” مع بيدر اقرانه “السابقين” من رؤساء الاحزاب السياسية الذين توزعت مواقفهم بين الاستنكار وتدفيع رئيس الحكومة حسان دياب الثمن بتقديم استقالة حكومته ،فيما دعا آخرون إلى تحقيق دولي انطلاقا من عدم الثقة بسلطةٍ حاكمة لا يكفي انها فاسدة ، وانما اذْرُعُها تطوِّق القضاء اللبناني الذي سيجد نفسه عاجزاً في نهاية المطاف عن ممارسة أعماله وصولاً إلى الحقيقة ، الأمر الذي رفضه رئيس الجمهورية واصفاً ذلك بانه تضييع للحقيقة لا لكشفها ، مضيفاً ان “التحقيق بالكارثة سيشمل المسؤولين المباشرين وأبواب المحاكم ستكون مفتوحة أمام الكبار والصغار، ولن يكون هناك أي غطاء لكل من تورط بانفجار بيروت، والتحقيقات الأولية قد تكشف أشخاصا آخرين متورطين”.
ليعود بعد ايام قليلة ويصرّح إن أسباب انفجار مرفأ بيروت لم تكتشف بعد، واحتمالية الاعتداء الخارجي “لا تزال واردة”.
وهكذا مرّت الايام الخمس الموعودة لتشغل حيِّزاً اكبر من الزمن سيختم فيه اهالي ضحايا المرفأ اربعة أعوام بالكامل مع مرور الذكرى الرابعة للانفجار هذا العام شهدوا فيه من المتاجرة بقضيتهم والتلاعب بها والتآمر عليها والتنصُّل منها ، ما لم تشهده اية قضية مصيرية اخرى في العالم ليتكشّف للقاصي والداني ان طمس القضية والتعمية على اسبابها وتجهيل من يتحمل مسؤولية الدم والخراب هو ما يجري العمل عليه بقدمٍ وساق و إصرارٍ مكشوف وفاضح،لم يبدأ بتسييس القضية وفتح مواجهة غير مسبوقة مع القضاء اللبناني ، إلى إطلاق سراح جميع المتهمين في هذه القضية وحسب ، وانما جرى “فرط” المطالبين بالحقيقة وتوزّعُهم على شارع سياسي مقابل شارع سياسي آخَر بغية الشرذمة والتمييع وصولاً إلى الإحباط والتيئيس لدى ذوي الضحايا ودفعهم إلى التخلي التدريجي عن قضيتهم تمهيداً لدفنها في ذاكرة صدئة شأنها شأن حديد المرفأ وإنشاءاته التي اصابها الهريان طوال السنوات الاربع الخوالي لتباع بابخس الاثمان او تُدفَن في احدى مقابر النفايات التي تطوّق العاصمة بكل سمومها ونتانتها.
ومع ان الرئيس السابق اعتبر ان “العدالة المتأخرة (في حادث انفجار مرفأ بيروت) ليست بعدالة، ويجب أن تكون فورية لكن دون تسرع”،
فان اكثر من دعسةٍ ناقصة شابت عهده ودفعته إلى إطلاق رصاصة الرحمة على العهد بنفسه قبل ان يفعلها جماعة “ما خلّونا”وهو الذي بقي متمسكاً بوزارة العدل حتى اليوم ، ورفض استقبال وفد ذوي ضحايا المرفأ في قصر ” الشعب” مشترطاً الاطلاع مسبقاً على اسئلتهم ومحتواها ليساهم بشكل او آخر في ايذاء هؤلاء معنوياً وسياسياً ، ليعود وينفض يديه من كل “الفساد” اللبناني في يومه الأخير في قصر بعبدا ويتكلم بلهجة “المعارض”العنيف وكأنه طوال سنواته الست في القصر ما كان سوى ” خيّال صحرا” لم يتحكم بعشر وزارات سيادية وخدماتية ولم ينل من التعيينات في الادارة والمؤسسات ما لم يسبقه رئيس آخَر إلى ذلك .
وحدهم ،الثابتون على التمسُك بقضية ابنائهم واهلهم من ذوي شهداء جريمة المرفأ ، هم من تُرفَع لهم القبعة اليوم وغداً ولو طالت معاناتهم خمسة ايام ” ضوئية” بدل الايام الخمس العادية التي وعد بها الرئيس السابق ، مؤكدين ان ولايتهم للدم لن تُمحى او تتوقف مع الايام والسنين ، وفي الرابع من شهر آب لهذا العام تتجدد ولاية الدم لتدخل عامها الخامس دون كلل او ملل وليبقى الرابع من كل شهر طوال اشهر العام يوم وفاء للشهداء والجرحى وعنوان تحدي شعبي سلمي متواصل ضد سلطةٍ فاسدة قاتلة وغاشمة ، تحت شعار : نحن لن ننسى قضية أبنائنا ،لن نسامح المرتكبين او نساوم ونتخلى عن ولاية الدم اونبيع !

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى