فِي الذِّكْرَى 35 لِرَحِيل الْقَائِد المُؤَسِّس مُؤَسَّسَات الحِزب هِيَ الْأَسَاس لَا الْأَفْرَاد يوغرطة السميري – تونس
فِي الذِّكْرَى 35 لِرَحِيل الْقَائِد المُؤَسِّس
مُؤَسَّسَات الحِزب هِيَ الْأَسَاس لَا الْأَفْرَاد
يوغرطة السميري – تونس
تمر علينا الذكرى 35 لرحيل القائد المؤسس احمد ميشيل عفلق، ويشكل مرور هذه الذكرى وقفة هامة لاستنباط الدروس وترسيخ القيم لمواصلة النضال بوتائر متصاعدة. ولعل من اهمها هي تركيز القائد المؤسس ومنذ البداية على دعامات نضال حزب البعث العربي الاشتراكي الا وهي الثقافة، ووجود المؤسسات في بنيته. فالتثقيف على ما هو فكري يختص بعقيدة الحزب واهدافه وسماته، أو في غيره من ميادين المعرفة، هو ركن أساسي في تصور البعث للمنخرط في حركته.
لكن التثقيف لايكفي إذا ما اراد المنتمي ان يكون مؤمناً وفاعلاً في مسيرة البعث النضالية. فالتثقيف ركن لا يكتمل الا بوعي معنى المؤسسة كضرورة لابد منها لترشيد امتلاك المعرفة في جلّ ميادينها، وتحسين الأداء في مختلف النشاط الانساني، الاجتماعي منه و الاقتصادي و السياسي و الثقافي .. { فثقافة المؤسسة تقوم على مجموعة من المفاهيم والقيم والاتجاهات والحقوق والواجبات يتعامل بها العاملون في مؤسسة محددة بما يشكل منظومة معيارية يسترشد بها العاملون فتحدد قواعد ، وأنماط سلوكهم الوظيفي ، وترسم وسائل تعاملهم في البيئة الداخلية للمؤسسة ومع المتعاملين معها من المواطنين} .
صحيح أن النظام الداخلي يشكل الإطار العام الأخلاقي و القيمي للحزب، غير أن الأحزاب و هذا بائن للجميع، لا تُبنى فقط على القيم و الأخلاق و الفكر، مهما كان صفاؤها و مهما كانت علميتها، بقدر ما تُبنى فعلاً و امتداداً تاريخياً، من خلال مؤسساتها التي يتضمنها النظام الداخلي .
فالمؤسسة منظومة حية ، مستمرة ، و علينا الاستفادة منها في ما نتقصده من بناء و لا يجب أن يغيب عنا من أن الثقافة المؤسساتية هي :
عملية تربوية، والمعايير المؤسساتية هي أدوات ضبط ، وتوجيه ، وترشيد للسلوك النضالي، والسياسي والإداري المعاصر. وهي استجابة عقلانية ضرورية لارتقاء ذلك الإداء.
ان عدم امتلاكنا لثقافة المؤسَّسة و نحن نمارس فعلاً نضالياً كما أشّرته مناهج الحزب منذ التأسيس، وكما اكّدَ وحرصَ عليه الرفيق القائد المؤسس دائماً، يعني الإخفاق في تحقيق الأهداف الاستراتيجية الكبرى، لاننا سنبقى نراوح تعاملاً مع المعايير والعلاقات القديمة. و سنبقى في تقابل مع السائد الإجتماعي بما فيه من ظواهر خطرة تستهدف لا فقط الأمـــة و الشعب في هويته، وإنما في طبيعتِه المتضامِنة التي هي وليدة ارث عظيم. وبما يغيب روحية هذا الإرث التي هي مصدر من مصادر قوة الفعل النضالي للبعث، و يعطل لا بل يقتل بوادر صياغة و انتاج أنماطاً متقدمة في تطوير بنية العمل الحزبي.
يضاف الى ذلك خطورة ما ينتج من حراك داخلي بصيغة خطاب خنادق يغيِّب الهدف في جانب، و في جانبه الآخر يضيف عوامل و ثقافة اليأس الى حالة اليأس التي يتقصد بها الأعداء نهوض الأمة، و يعملون بكل الصيغ و بما يمتلكونه من أدوات على تعميمها اجتماعياً .
ان كل ذلك يستوجب علينا مغادرة المعايير الاجتماعية القديمة لفائدة العمل الحزبي بعقلية المؤسَّسة و ثقافتها و القوانين التي تفرضها محطة النضال العلنية في الساحات المسموح بها و حتي في الساحات التي بلغ فيها الإجتثاث أعلى مداياته المادية و المعنوية كالعراق و سوريا في اقتران، والعمل الأساس الذي نعيشه واقعاً أو يترقبنا في كل منعطف من منعطفات الفعل السياسي ان كان قطرياً أو قوميا .
تذكروا من أن مؤسسات الحزب هي الأساس لا الأفراد، مهما علا شأنهم ان كان بصيغة اضافات فارقة للأمام في فعلهم ، أو كان بصيغة تضحيات ، و تاريخ الحزب ليس خافيا عن كل من بحث فيه .