الأستاذ عثمان إدريس أبو راس (الجبهة الإسلامية القومية تخطط لانقلاب عسكري بقيادة العقيد عمر حسن أحمد البشير) مجلة الدستور اللندنية
الأستاذ عثمان إدريس أبو راس
(الجبهة الإسلامية القومية تخطط لانقلاب عسكري بقيادة العقيد عمر حسن أحمد البشير)
مجلة الدستور اللندنية
(ونصحت قومي بمنعرج اللّوى.. فلم يستبينوا النصح إلا ضحى الغد)
( وتسمع إذ ناديت حياً ولكن لا حياة لمن تنادي)
(قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا، الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا)
مايو 88م كان مقدمة حتمية لما تم في الثلاثين من يونيو 89م..إذ أعاد الاعتبار لمن لفظهم شعبنا مع جنرالهم الباطش، الذي نصبوه إماما للمسلمين، بقوانين سبتمبر 83م المنتحلة زوراً وإفكاً للشريعة الإسلامية السمحاء، كأرخص متاجر بالمقدسات وأبلغ إساءة لها، رغم موبقاته التي يعرفها الغاشي والداني من أبناء وبنات شعبنا، وأفتوا له بالقطع والقطع من خلاف والقتل،
بتمثل محاكم تفتيش قرون الظلام الأوربية..
نعم كانت ما أطلقوا عليها حكومة الوفاق الوطني مايو 88م هي المقدمة المنطقية لجريمة انقلاب يونيو 89م، إذ أنها، فوق الصمم الذي أصاب أُولي الأمر ممن غشي الوقر أسماعهم، كانت، ازدراءً لخبر مجلة( الدستور) الذي أنذرهم من الطوفان المقبل.
والذي سبقت حروفه للمطبعة والنشر.. تلك المعلومات الخطيرة التي تم تسليمها لأولي الأمر، ولكن (تسمع إذ ناديت حياً ولكن لاحياة لمن تنادي) لأنهم ما أساءوا الظن يوماً بمن اعتبروهم حلفاءهم الاستراتيجيين، في كل معاركهم المتنكرة للحريات والديمقراطية المقترنة بالإنجاز، ومبدأ الفصل بين السلطات، تلك السمات الموشاة على صفحات سجل تحالفات حكوماتهم منذ فجر الاستقلال. بل وكانوا دوماً يسيئون الظن بقوى الديمقراطية والعدالة الاجتماعية لأنها كانت تقف ترياقاً مضاداً للفساد والاستبداد والمتاجرة بالمقدسات. ولم تفلح هبة الكادحين في ديسمبر 88م (انتفاضة الخبز والسلام) في تنبيه الغافلين للتحوط من الضبع، الذي تباروا في التقرب إليه مطلقين له عنان التنقل من شمال الوادي برداء زعامة المعارضة للقيادة المركزية في جنوب الوادي ليضع مع ضباطه اللمسات قبل الأخيرة للنظام الآيل للسقوط، متنكرين بذلك لإرادة الشعب التي جسدها بنصرته لمرشح قوى الانتفاضة في الدائرة “27” الصحافة، على مرشح وعراب جبهة بقايا مايو الإسلاموية.
الأحد 30 يونيو 2024م،
ذكرى اليوم المشؤوم للارتداد الثالث على التعددية السياسية بمقياس وستمنستر.
وتتردد في سمعي بهذه المناسبة الإجابة أو التعليق الذي أدلى به المرحوم القائد “بدرالدين مدثر” معلقاً على حديث محاوره من صحيفة الأيام المتباهي بالقول “إننا الشعب الذي أسقط نظامين ديكتاتوريين في عقدين من الزمان ” فكان تعليق الأستاذ الراحل المقيم بعيون زرقاء اليمامة ( وأرجو ألا نكون من فرط للمرة الثالثة في التعددية السياسية) . وهو ما حدث. لا بل إن أحاديث الراحل “بدرالدين” كانت تركز على مخاطر الارتداد على الديمقراطية احتمال له أسانيده. فهو في مخاطباته الداخلية كان يقول
(اسمحوا لي استعارة مقولة الإمام “علي كرم الله” وجه، اعمل لدنياك كانك تعيش أبدا واعمل لآخرتك وكأنك ستموت غداً. فأقول لكم اعملوا للديمقراطية وكأنها تدوم أبدا وللردة وكأنها ستأتي غداً ) وفي ندواته في ذكرى انتفاضة مارس أبريل الثانية تركز حديثه
حول (عجز الحكومة… مخاطر الردة) ، وإذا كان قد هاجم ضلوع المجلس العسكري الانتقالي في تصفية المؤسسة العسكرية من خيرة الضباط الذين فرضوا على القيادة العامة الانحياز للانتفاضة
وذلك في ندوة الميدان الغربي لجامعة الخرطوم والتي تم توثيقها في كراسة بعنوان (الشعب أقوى والردة مستحيلة) فإنه كان واضحا كذلك في حديثه في المؤتمر الصحفي المنعقد بدار البعث في مايو 88م واصفا ما تم إعلانه حكومة الوفاق الوطني التي ضمت بقايا مايو بالقول (إنه ليس وفاقا وطنيا، بل هي ردة على الديمقراطية سنناضل ضدها بنفس عنفوان نضالنا ضد النظام المايوي).
الآن وقد دخلت حرب 15 أبريل2023م لاستعادة السلطة التي هزتها انتفاضة ديسمبر الثورية
دون أن تقتلعها من جذورها، والتي تعتبر الانقلاب الثاني بعد الأول الذي تم في 25 أكتوبر 2021م، وحكم عليه شعبنا بالفشل والعزلة قبل أن يذيع بيانه “البرهان” حين انطلقت الهتافات من حناجر شباب وشابات ورجال وكنداكات الانتفاضة رفضاً واضحاً للانقلاب ولمحاولة تجميله باتفاق (برهان- حمدوك) في 21 نوفمبر (حرية سلام وعدالة مدنية قرار الشعب)
تقترب ذكرى ذلك الليل البهيم ، ويغيب عن عقول (ال بربون) الاعتبار من العبر، ودروس التاريخ، بالتنادي لحل زائف للأزمة والدمار الذي أحرق الأخضر واليابس، وشرد الملايين من دورهم، وزرع الرعب في القلوب، والشيب في رؤوس الأطفال من الهول، بزراعة طابور خامس في صفوف قوي الديمقراطية أي من تسبب في صنع الأزمة طرفاً أصيلاً في فرق البحث عن مخرج منها ، فإننا سنؤكل يوم أكل الثور الأبيض ، إن قبلنا بمقعد لدعاة الفتنة بين صفوفنا.
إذ لن يوقف الحرب من أشعلها حتى يظفر بما أراده منها، وإن أدى ذلك
لقتل الملايين من أبناء شعبنا، كما لم يروا مانعاً لذلك بل واعتبروه الواجب في مواجهة انتفاضة ديسمبر، ومذبحة فض الاعتصام شاهدنا على قولنا.
وبعد فهل يغيب وعينا عما سطره تاريخنا المعاش؟! بالسقوط في مستنقع شمولية المشاركة بحثاً عن مخرج زائف، يعني إشراك من تسبب في الأزمة كطرف أصيل في الحل.. بتجاهل ما تتطلبه موجبات مراعاة معاناة شعبنا، من ضرورة، الوقف الفوري للحرب بدون شروط.
أم أننا سنرضخ لمن أراد أن يعيد من الشباك من لفظناهم بخشم الباب بثمن باهظ.؟
جبهة شعبية عريضة لا مكان بين صفوفها لفلول النظام السابق.