آراء حرة

العالم يعيد هيكلة نفسه وتتغير توازناته فيما العرب تائهين بين الشرق والغرب فؤاد الحاج

العالم يعيد هيكلة نفسه وتتغير توازناته فيما العرب تائهين بين الشرق والغرب
فؤاد الحاج
ماذا عن حال الأمة في عالم يتغير؟
سؤال يلح على خاطري حاولت الكتابة حوله مرات ولم أنجح في ذلك، اليوم أحاول أن أطرحه علني أجد جواباً من المهتمين بمتابعة مجريات الأوضاع والأحداث والتطورات الجارية في الساحة الممتدة من موريتانيا إلى الجزيرة العربية ودول المصالحات في الخليج العربي وما بينها، التي لا تدل سوى على أنها منظومات تابعة لأنظمة غربية كما كانت قبل وبعد الحرب العالمية الأولى، مع فارق بسيط وهو توجه بعضها شرقاً إلى القوة الاقتصادية الصاعدة عالمياً بصمت ألا وهي الصين مع توجه آخرين إلى الهند في ظل تصاعد اليمين المتطرف في الهند وفي دول أوروبا.
لذلك أقول أنه على المتابعين من محللين سياسيين في الأقطار العربية، الالتفات إلى مجريات الأوضاع وتحولاتها في تلك المنطقة، والربط والتركيز على التحولات الجارية في العالم، وفي أوروبا تحديداً، لأنها تحولات متصلة ومترابطة ومتشابكة اقتصادياً وسياسياً، كي يتم ضبط حركة تلك المتغييرات والتحولات ومدى تأثيرها على مستقبل المنطقة، وماذا ستكون عليه في الغد وما بعده.
لقد قيل أن المرأة الحامل في مرحلة المخاض العسير، ستلد مولوداً ما، ذكراً أم أنثى، أو أن الأم تموت ويعيش مولودها، أو أن الأم ومولودها يموتان مهما تدخلت أيدي الاختصاصيين. هكذا هي الأنظمة العربية عبر تاريخها التي تآكلت واهترأت، ولم يعد بالإمكان تجديدها بمواليد جديدة مهما حاولت أن تمد ذاتها بأي من أسباب الحياة والاستمرار، لأنها لم تلد جيلاً جديداً، نابعاً من الشعب ومعاناته وتطلعاته، بل أن كل ما فعلته هذه الأنظمة أنها أورثت الحكم لأبنائهم، والوارث مهما بدا أنه شاب ويريد التغيير لصالح الشعب، وضمان التقدم في عالم التطورات التكنولوجية، فأنه لن يكون سوى امتداداً لمورثه، لذلك نجد أن حمل الأمة قد طال والولادة صارت واجبة وضرورة تاريخية، وهذا لا ولن يمكن تحقيقه سوى بجيل جديد، نابع من الشعب وليس بالتوريث، لأن الأمة ومع الأسف منذ بدايات القرن العشرين وحتى اليوم لم تنجز ثوراتها التحررية، الديمقراطية، ولم تقم دولتها الوطنية بعد، تلك الثورات التي قدمت شعوب المنطقة مئات الآلاف من الشهداء في سبيل تحقيق تلك الدولة الوطنية ومنها ثورة المليون شهيد في الجزائر.
لذلك نجد أن هذه الأمة تستهدفها حملات شرسة من قوى الصهيونية العالمية التي تتحد معها قوى إدارات الشر الغربية، مستخدمة ما يمكنني تسميته سلاحاً جديداً ألا وهو علم التطورات التقنية والعلمية على مخنلف الصعد، وذلك من أجل كسر شوكة هذه الأمة وإنهائها، من خلال تفتيتها فيدرالياً وطوائفياً ومذهبياً، واحتلال أوطانهم كما حدث في العراق، وفرض حكاماً تابعين لهم يديرون نيابة عنهم، وتحويل شعوب المنطقة إلى “هنود حمر” كشرط لازم لإعادة صياغة موازين قوى الشر العالمية التي تعمل على توفير الأسباب الضرورية والهامة لهم لتساعدهم على الخروج من الأزمات الاقتصادية العالمية القاتلة التي يمر بها النظام الليبرالي في دول الغرب، والذي ثبت للمتابعين لحراك الشعوب في الغرب عامة، التي نشهد فيها نهوض قوى اليمين المتطرف، التي تسيطر عليها الصهيونية العالمية أو أن قيادات اليمين المتطرف هذه هم من الصهاينة مثل بريطانيا وفرنسا، في ظل تنامي ولادة نظام عالمي جديد متعدد القطبية، مرتهناً لمصالح أقطابه، وقيام تحالفات دولية جديدة لتلعب دوراً مؤثراً في النظام المتعدد الأقطاب الجديد كتحالف روسيا الاتحادية وكوريا الشمالية، وفي المقابل نشهد صعود قوى إقليمية جديدة مستفيدة من تلك التحولات والمتغيرات الدولية كإيران وتركيا على سبيل المثال، ما عدا الأنظمة العربية التي ستبقى تابعة ومنقسمة بين الولاء للغرب والشرق معاً، في ظل سيناريوهات تنبؤات محللين اقتصاديين غربيين بانهيار الاقتصاد العالمي الذي سيصيب أيضاً البلدن العربية التي تعاني من انهيارات اقتصادية.
فهل ستتحرك قوى التغيير الشعبية؟ وهل سنشهد إعادة إحياء المشروع النهضوي العربي الذي كثرت الكتابات والتحاليل حوله منذ ثمانينات القرن الماضي دون اتفاق على لقاء موحد للعمل على تحقيق بنوده، وتوحيد صفوف المؤمنين بهذا المشروع التوحيدي على أسس عصرية مناسبة ومتقاطعة مع الظروف التي تمر بها الأمة، ومعالجة ترسبات الماضي بهدوء وحكمة بعيداً عن الأنا الشخصية، أم سنبقى نرواح مكاننا في حقبة نهاية ما قبل التاريخ؟
21/6/2024

زر الذهاب إلى الأعلى