مقالات

لخِطّة الامنية ولكن ، من يُنقِذ اللبنانيين من غائِلة الجوع ! نبيل الزعبي

لخِطّة الامنية ولكن ، من يُنقِذ اللبنانيين من غائِلة الجوع !
نبيل الزعبي
بدايةً، لا بد من التأكيد ان القوى الامنية اللبنانية قامت باقل اقل الواجب عليها عندما اقدمت على الإجراءات الأخيرة التي تصدت لبعض ابشع مظاهر الاخلال الامني بالبلد تحت عنوان ( الخطة الامنية)على امل ان لا تتنفس ننائج هذه الخِطّة باكراً ويعود المستفيدون من انفلات الامن من اجهاض اية خطة بديلة وادخال اللبنانيين الآمنين في المزيد من حالات الإحباط والرضوخ للخارجين على القانون وما يُلحقونه من أعمال تشبيح وسرقة ونشل وتهريب للأسلحة وترويج للمخدرات وغير ذلك من ممارسات مشينة لن تقودنا سوى إلى الفوضى والامن الذاتي ان لم يتم مواجهتها بمنطق الدولة القادرة والسلاح الشرعي والقانون الذي يجب ان يكون فوق الجميع حقيقةً لا شعاراً للتباهي والتجمُّل كي لا تتحول الخطة كذبةً كبيرة وضحكاً على الناس .
كان على القوى الامنية القيام بواجباتها الأمس قبل اليوم ، أقلّه لتتجنب الحملات غير البريئة التي استهدفتها واقناع الناس بجدوى التدابير المتخذة كما على القضاء ومكتب مكافحة جرائم المعلوماتية ان يتصديا لكل انفلات وتفلُّت امني تتسبب به بعض مواقع التواصل الاجتماعي المشبوهة المصادر والتمويل كما جرى مؤخراً بعد ما سُمّي بفضيحة ” التوك توك” وما احدثته من ارتدادات اخلاقية وأدبية لا عهد للمجتمع اللبناني بها ولن تسلم منها البيوت والعائلات غداً ان لم يُدَّق ناقوس الخطر بالتزامن مع إطلاق عبارةٍ وحيدة وأحادية أن : انتبهوا ! وأنكم ، إن لم تعالجوا الاسباب ، فعبثًا ستكون معالجة النتائج إلى اي مسار ستتوصل اليه الامور غداً .
لقد قيل في مقاربة الامن والخبز يوماً ان :ليس بالخبز وحده يحيا الانسان ،ذلك كان ايام بحبوحةٍ اقتصادية لم يكن فيها مبرراً لمن يسرق في سبيل تامين رغيف الخبز لاولاده وهو الذي يستطيع ان يحصل عليه باهون السبل ، او باقل العبارة ان الفقر لم يكن مستفحلاً كما هو اليوم حيث ان كل اسباب “الانحراف”متوفرة امام رب العائلة او الموظف البسيط كي يمد الواحد منهما يده إلى المال الحرام وهو الذي طبّلوا أذنيه برفع الحد الادنى لاجره الشهري إلى ثمانية عشر مليون ليرة لبنانية في حين ان ربطة الخبز التي لا تتجاوز بِضعة أرغفة تباع بستين الف ليرة وصارت تُزان بالجرام كما يوزن الذهب والفضة وتكاد لا تكفي الفرد الواحد او الاثنين على الأكثر ، فكيف لعائلة من خمسة افراد ان يكفيها ما تصرفه على الخبز فقط على مدى ثلاثين يوماً في الشهر ان يتبقى لها من الحد الادنى الجديد ، هذا اذا اكتفى هذا المواطن البسيط او الموظف العادي بالبقاء على قيد الحياة بالرغيف والزيت والزيتون على اقل تقدير ، فكيف بالأمور الحياتية الأخرى من غذاء ودواء ومسكن ومدرسة وكتاب ، وكلها ممنوعة عليه ، وكيف سيكون عليه الحال ان دخل المستشفى لمرض طارئ او جراحة عاجلة وأمامه كل المسببات التي تقوده إلى الموت ، وكُثُرُّ باتوا يفضلون الموت بشرف على سريرهم هذه الايام على ان يموتوا إذلالاً على ابواب المستشفيات وفواتيرها بال”fresh dollar”، والا فما هي الطرق الأخرى بربكم التي على هذا المسكين سلوكها عندما يكون وراءه طفلُ يتضوّر جوعاً ، وزوجة شريفة تأبى ان تأكل من ثدييها ” كما كانت متسيّدة شهامة العرب، وسقفُ يحميهم من غائلة البرد والجوع ايام الحر والقر وانهيار الاخلاق العامة والقِيَم وإغراءات الفساد والإفساد ، ولنا في المبالغ الخيالية التي تُدفَع هذه الايام في سبيل تكريس ذلك اسطع دليل على ذلك ، في الوقت الذي تتعامى السلطة عن اكثر من سبب وسبب يكفي الوقوف لمعالجة الواحد منها في أضعف الايمان ، لتحقيق ما لم تستطعه عشرات الخطط الامنية غداً ، ان لم تجد حلاً ، على سبيل المثال لا الحصر ، لأصحاب مليوني حساب مصرفي في البنوك اللبنانية مُصادرةُ على ايدي لصوصُ كبار ومحترفين في ابتزاز مدّخرات المواطنين ، يسرحون ويمرحون امام أعين القضاء والامن والعدالة فيما كل هذه المرجعيات تمعن في تواطئها وهي تسد كل آفاق المعالجات الاقتصادية المطلوبة وتدفع المواطن إلى الموت البطيئ كمداً قبل ان ينقض عليه راكب الدراجة النارية غير المرخّصة ليسلب ما تبقى في جيوبه من فُتات مال على طريقة السبايا التي في زمن السبي ، تفترس السبايا ، ( والتعبير هنا للشاعر محمود درويش )، وتلك لعمري ابلغ واخطر مسألةٍ اخلاقية يواجهها المجتمع اللبناني وقد عصبوا أعين الناس بغشاوةٍ لم يعد امامهم القدرة على التمييز بين الحرامي واللص ومَن اكبر مِن مَن !وينبغي ان توضع في أيديه الاغلال قبل الآخَر ،
اما ربطة الخبز ، فبقدر ما يتناقص وزنها هذه الايام ، بقدر ما يرتفع سعرها والخِشية ان تدخل غداً باب الكماليات دون الأساسيات فيخسر الجائع الملهوف في هذا الوطن آخرحصنٍ له يحميه من الجوع ، الا وهو الرغيف.
سأل هارون الرشيد احد ظرفاء مجلسه يوماً :‏
ما حكم السّارق ؟ فاجاب :
إن سرق عن مهنة تُقطع يده وإن سرق عن حاجة تُقطع رقبة الحاكم.
فكم من رؤوس يجب ان تتدحرج ، وايدٍ لِتُقطَع ،مقدمةً لثورة حقيقية عدوها الاول هو الجوع في لبنان ، وقد طال انتظارها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى