لماذا شارك حزب البعث في مؤتمر القاهرة وماذا حدث في كواليسه؟! المؤتمر لا هو سدرة المنتهى ولا هو شجرة الزقوم. خالد ضياء الدين
لماذا شارك حزب البعث في مؤتمر القاهرة وماذا حدث في كواليسه؟!
المؤتمر لا هو سدرة المنتهى ولا هو شجرة الزقوم.
✍🏽خالد ضياء الدين
يظل السؤال الجوهري الذي يسأله العامة: كيف لجبهة شعبية أو أحزاب سياسية أن تساهم في إيقاف الحرب..وماهي الآلية التي يمكن من خلالها فرض خيار السلام؟
في حوار مع أحد الأصدقاء وجه لي عدد من الأسئلة ابتدرها ب:
س: ماهي الآلية التي تملكونها لإيقاف الحرب ؟!
ج: لقد خلفت الحرب حتى الآن أكثر من “15” ألف قتيل، و”11″ مليون نازح، و”1.8 مليون لاجئ فروا إلى دول الجوار..طبعا الإحصائية هذه وفقًا لمفوضية الأمم المتحدة للاجئين. إضافة للقتلى والجرحى هناك خسائر مادية تقدر بنحو” 100″ مليار دولار بسبب دمار البنى الاقتصادية والاجتماعية ومؤسسات العمل والتشغيل والإنتاج.
هذه المقدمة الخاصة بالخسائر البشرية والمادية ضرورية لفهم أسباب دعوتنا لإيقاف الحرب.
وأما بالنسبة للسؤال: نحن في حزب البعث لانملك جيشا ليفصل بين الفرقاء كما تفعل القوات التي تتبع للأمم المتحدة، أو لنقاتل مع أحدهم نصرة ضد الآخر “ولاينبغي لنا ذلك” فالحرب من حيث المبدأ مرفوضة ونعتبر الحديث عن سحق الآخر والقتال حتى آخر جندي لتحقيق نصر نهائي وكامل غير وارد لأسباب كثيرة لايسع المجال لذكرها.. نحن كحزب لا نملك غير إرادتنا ووسائلنا السلمية وعملنا وسط الجماهير، باعتبارها آليتنا “وسيلتنا وغايتنا” وأي رد فعل عسكري ثالث بحجة إيقاف الحرب سيساهم في زيادتها وتعقيد المشهد.
س: طيب كيف ح تواجهوا الدوشكا بالسلمية؟
كلامكم ده ماواقعي.
ج: أبدا يا صديقي دي الواقعية بعينها..حقيقة نحن لا نحتاج للحديث عن السلمية بشكلها السلبي غير الفاعل، بل نستخدمها لتقليم أظافر المتحاربين بعزلهم اجتماعيا وسياسيا، داخليا وخارجيا، وهذا إنما يتم بنشر الوعي في المدن والولايات والفرقان ووسط الجنود باعتبارهم وقود ال-حرب..محتاجين نوقف أي دعم خارجي عسكري أو مالي بفضح الداعمين..أيضا لازم نجفف مواردهم بتبصير العالم بنتائج الحرب على المدنيين بنشر صور القتلى والمشردين، وانت-هاكات الجيشين حتى نبلور رأي عام عالمي وإقليمي وداخلي ضد الح-رب في السودان وعندك غزة “مثال”.. نحن محتاجين نثبت عمليا بأنه قتال مصالح لايجد السند الشعبي،
أيضا محتاجين نعمل على توعية المواطن وتبصيره والنأي به من الاستقطاب الجهوي والعنصري حتى نوقف اشراك المدنيين في الق-تال لنتمكن من محاصرة النار في أضيق مساحة للسيطرة عليها..كمان ضروري نشارك في المؤتمرات الدولية والإقليمية وفي الندوات واللقاءات الصحفية وفي الفضائيات لنبشر بالسلام وندعم وقف الح-رب ونسمع الاخر مايجب ان يسمعه..نشارك لنقطع الطريق على دعاة استمرارها..ولينتبه العالم لصوت الشعب بطرح رؤية الجماهير الداعية للسلام.
س: وهل تعتقد مؤتمر القاهرة حقق ليكم طموحكم كحزب سياسي؟
ج: مؤتمر القاهرة ياعزيزي أبدا مافي زول قال إنه نهاية الطريق(لاهو جنة ولاهو بالنار) ولاهو البستأصل شأفة ال-حرب،لكن كمان لازم نعترف إنه احدث اختراق في الجبهة الداعية لإطالة ال-حرب، على الأقل قدر يخلى الفرقاء يقعدو في مكان واحد وبالضرورة هذه الخطوة ستتبعها خطوات وهذه واحدة من الآليات البتسأل منها الممكن تساهم في إيقاف الح-رب، بعدين نحن كحزب ماعندنا طموح ذاتي، طموحنا أن يعود شعبنا المهجر والنازح لأرضه ليعمر مادمرته الحرب ويعيش حياة كريمة.
بالمناسبة لازم نقول من الاختراقات التي حدثت ايضا مشاركة مندوبي حركة تحرير السودان (عبدالواحد محمد نور) في أعمال المؤتمر.وهذه خطوة متقدمة تقربنا من الهدف الاستراتيجي(الجبهة الشعبية الواسعة لايقاف الحرب).
س: طيب ليه ماطلعتو لمن لقيتو جبريل وأردول ومني قاعدين؟!
تقصد نطلع نسيب ليهم القاعة والمؤتمر يسرحوا ويمرحوا ويطرحوا رؤاهم الضيقة الداعمة لاستمرار الح-رب ويطلعوا هم بمخرجات تفيد استمرار الح-رب؟
طيب نحن جينا لشنو؟
ياصديقي من أهم ميزات مؤتمر القاهرة أنه زعزع القناعات الداعية لاستمرار الح-رب لدرجة اختلافهم مع بعضهم في التوقيع على الوثيقة النهائية التي أكدت على ضرورة وقف الح-رب فكان توقيع أغلب أعضاء مايسمى بالكتلة الديمقراطية الداعمة لانقلاب 25 أكتوبر وللجيش لصالح العنوان(من أجل إيقاف الح-رب) وتم عزل جبريل ومناوي وعقار وتعريتهم.
ماتم من توقيع للمشاركين ضد الح-رب حدث نتيجة استخدام واحدة من آليات وقف الح-رب بالكسب من جرف دعاتها وقد تم ذلك بنجاح.
الاختراق الثالث غير المتوقع هو مشاركة حزب البعث برمزه وقائد مسيرته..فمشاركة بهذا الثقل كان لها أثر إيجابي كبير في نفوس المؤتمرين خاصة الذين لهم معرفة لصيقة بالأستاذ السنهوري ومن الذين خبروه في حوارات سابقة أيام ثورة ديسمبر ومابعدها(الفترة الانتقالية) فوجوده مضاف إليه ممثلين من حركة عبد الواحد وغيرهم في أعمال المؤتمر غير من شكل التمثيل القديم المحدود.وهو أمر أعطى المؤتمر نكهة وطعم مختلف إزداد فيه تمثيل القوى الثورية، وسمع في المقابل المؤتمرين صوت الثورة المنسجم مع الواقع.
س: تقعدو مع جماعة الموز وتقول لي اختراق؟!
ج: طيب براحة أوريك الحاصل
حضور بعض المشاركين من مايسمى بالكتلة الديمقراطية كان بنية إفشال المؤتمر اما برفضنا نحن الحضور والمشاركة،او بخروجهم هم عندما نشارك وإعلان مقاطعتهم..باختصار كانت خطتهم افتعال صراع تخريبي، بمحاولة إنتاج الخطاب القديم لحكومة بورتسودان بالعودة للحديث الذي ظل يكرره البعض حول مخرجات اتفاق جدة التي لم ينفذها الدع-م السريع وأهمها الخروج من الأعيان المدنية.
طبعا هذه المقولة تحمل نصف حقيقة اتفاق جدة، لأن النصف الآخر من الاتفاق معني به الجيش فهو مثله مثل الدع-م ال-سريع لم يلتزم به مثل القاء القبض على قيادات الفلول الذين تم إطلاق سراحهم من السجون وعلى رأسهم البشير وكرتي وغيرهم.
المهم من خلال هذا المؤتمر تم استقطاب الأغلبية منهم لخانة لا للح-رب وترك معسكر (البل والجغم) وماكان لذلك أن يحدث لو انسحبنا او طالبنا باستبعادهم وتركهم سندا وعضدا لفصائل ال-حرب.
علينا أن نركز على ماهو إيجابي، فدعم وقف ال-حرب مقرونا بوضع النازحين والمهاجرين واحتمالات المجاعة والأوبئة والتهديد الجاد بانقسام آخر يهدد وحدة البلد أرضا وشعبا، كل ذلك جعلنا نقدم بعض التنازلات المعقولة التي لا تمس جوهر الثوابت الوطنية.. وبالرغم من أن الخلافات الأكبر التي تم تجاوزها إلا اننا نتوقع ان تظهر (اليوم) ردة لبعضهم من موقفهم بهد عودتهم للسودان وخضوعهم لتأثيرات السلطة والمال، ولكن منهم من سيصمد.لذلك نعتبر المؤتمر قام بتسجيل هدف في مرمى دعاة الح-رب من الجانبين.
فقط أن يجلس (الفرقاء) السودانيين بمختلف مكوناتهم في مؤتمر القاهرة تحت عنوان (معا من أجل إنهاء الح-رب) لهو النجاح الحقيقي، وهو خطوة متقدمة نحو عمل سياسي مشترك لإنهاء الحرب ومعالجة الأسباب التي أفضت إليها.
س: وماهو تبريرك لمصافحة السنهوري للكوز عيدروس.
انا حاوريك سر الصورة واحيلك لتعليق الاستاذة نفيسه حجر على سؤال احدهم المشابه لسؤالك.
قالت: (اصلا استاذ علي ما كان بيعرف العيدروس) وقابله في الجلسة التي اترأسها انا..في الجلسة تقدم استاذ علي بطلب فحواه ضرورة ان يسبق النقاش تعريف وتوضيح الجهات البنمثلها فعرف العيدروس نفسه وقال انا اسلامي فقيل له وضح قال حركة اسلامية وعندما منح استاذ علي فرصة الحديث قام بتشخيص المشكلة واوضح( الخلل )وحمل الاسلامين المسؤلية.
س: مناوي وجبريل وعقار.ثلاثتهم رفضوا التوقيع؟
كان موقف غير منطقي لكنه دليل على ما قلته لك سابقا من ان بعضهم حضر بغرض افشال المؤتمر..
لقد شارك ممثلهم(محمد زكريا)ومعه 5 منهم في لجنة المداولات والصياغة، وكان خلافهم عندما طالبت تقدم بادانة انتهاكات الجيش والدعم السريع..حينها جن جنونهم ورفضوا بشكل غريب توجيه اي ادانة للجيش وتحميل كل افرازات الحرب للدعم السريع قائلين بان الجيش لم يرتكب اي جريمة!!!
وفي النهاية خرجت التوصية بادانة فعل الانتهاك دون ذكر الجهات المنتهكة..كان ذلك باقتراح ممثلهم د.زكريا،تم ذلك بعد مارثون عنيف من المداولات والتوتر، لكن في النهاية وقبل نصف ساعة من تلاوة البيان الختامي انسحب ثلاثتهم دون اي مبرر منطقي..اعتقد الضغط عليهم كان كبير ويبدوا ان جهة ما الزمتهم بالخروج.او انهم غلبوا مناصبهم الوزارية ووضع جيوشهم المشاركة في الحرب على الموقف الصحيح.
نعم رفضوا التوقيع وبذلك شهد عليهم العالم بأنهم دعاة ح-رب.وأنهم جزء اصيل منها، وهو أمر بالضرورة له مابعده..وأما الخلافات فمتوقعة وطبيعية وهي أعراض ملازمة لحمى بدايات اي حوار لفرقاء.
فقط علينا أن نحث الجميع للتمسك بإلارادة الوطنية الحقة وبالقرار الوطني المستقل حتى يكتمل مشروع إعادة بناء السودان.
س: كلامكم سمح لكننا لانثق في مصر؟
أنا لا استطيع أن أرسم لك صورة لاترغب في رؤيتها، لكن أقولها لك وبمنتهى الصدق فيما يخص الحرب، مصر من أكثر الدول تضررا منها، على الأقل من حيث أعداد اللاجئين والمقيمين السودانيين بأرضها وإفرازات ذلك..مصر من مصلحتها السياسية والأمنية والاقتصادية أن تتوقف ال-حرب، لذلك لانطعن في صدق رغبتها في إيقافها والمساهمة مع الجهد الإقليمي والدولي المفضي لإنهاء الوضع المأساوي في السودان.
مقاطعا: لكن مصر تبحث عن مصالحها..
ومالو ياصديقي..فلنفترض أن لمصر مصالح أليس للسودان أيضا مصالح في مصر؟
دعنا من التعصب فلنبحث مع مصر حول كيفية تبادل المصالح المشتركة بما يفيد الدولتين والشعبين دون ضرر ولا ضرار.
الآن قدمت مصر مبادرتها وعلينا كقوى سياسية أن نستلم زمام المبادرة ونمضي بها نحو نهاياتها.
س: انتو عايزين حل يرجع لينا البرهان وحميدتي تاااني
ج: هذا غير صحيح (بتجيب الكلام ده من وين)؟
انت محتاج على الأقل ترجع لتصريحات الحزب وأحيلك لما قاله أمين السر الأستاذ علي الريح السنهوري داخل المؤتمر مؤكدا على رفض أي شكل من أشكال الحكم العسكري بعد إنتهاء الحرب وأكد على ضرورة قيام فترة انتقالية مدتها سنة واحدة على أن تجري بعدها انتخابات حرة نزيهة.
س: سنة واحدة مابتكفي
ج: مابتكفي لشنو؟
الفترة الانتقالية ياصديقي عبارة عن جسر بنقلنا من نظام دكتاتوري للانتخابات.
أي حديث عن أنها يفترض تحقق برنامج الثورة كلام غير منطقي وغير صحيح..محتاجين فترة انتقال محدودة نعالج فيها (بعض)المشاكل الاقتصادية ونمنح القوى السياسية والاجتماعية فرصة الاحتكاك بالجماهير وأهم حاجة نعد حصر الناخبين ونضع قانون انتخابات نزيه..
كلما طالت الفترة الانتقالية بتكتر المشاكل السياسية وهي مدعاة لتدخل العسكر بحجة انها لاتمثل إرادة الشعب لانها غير منتخبة.
تشكيل حكومة منتخبة عمليا يزيح أي وجود عسكري في السلطة لذلك من أكثر المطالبين بفترة انتقالية طويلة هم العسكر الحاكم (وإن اظهروا خلاف مايبطنوا)ايضا معهم بعض الذين يحلمون بتحويل مرحلة الانتقال لفترة حكم طويلة لمعالجة كل قضايا الوطن..طيب خليتو للحكومة المنتخبة شنو؟!
س: امممممم امممم
ج: اظن الأمور وضحت ليك ياعزيزي خلينا نقيف هنا ولمن تظهر مستجدات نرجع تاني