بياناتقيادات الأقطار

في رسالة من قيادة قطر السودان الى الرفيق المناضل أبو خليل أمين سر قيادة قطر العراق والرفاق أعضاء القيادة المناضلون ومنتسبي البعث وأبناء شعبنا في العراق العظيم بمناسبة الذكرى 56 لثورة تموز

حزب البعث العربي الاشتراكي (الأصل)

قيادة قطر السودان

الرفيق المناضل أبو خليل أمين سر قيادة قطر العراق والرفاق أعضاء القيادة المناضلون ومنتسبي البعث وأبناء شعبنا في العراق العظيم:

تهل علينا الذكرى 56 لثورة يوليو/ تموز 1968 المجيدة، وأمتنا العربية تمر باسوأ حقب تاريخها المعاصر، حيث أضحى عملاء طهران هم الحاكم وذوي اليد الطولى في أربع عواصم عربية بغداد، دمشق، لبنان، واليمن. ويتعرض شعبنا بفلسطين المحتلة منذ طوفان الأقصى، لأبشع إبادة جماعية بآلة الحرب الص-هي-ونية، المدعومة بمليارات الدولارات وأحدث الأسلحة من زعيمة الإره-اب العالمي الولايات المتحدة الأميركية وتوابعها من القيادات الأوربية.
وفي ظل غياب مخزي لجامعة الدول العربية وقادة أنظمتها الذين أخرس الجبن والعمالة ألسنتهم، وكف أيديهم عن القيام بواجبهم في نصرة القضية، متفرغين بدلاً عن ذلك، لملاحقة الشرفاء من ابناء شعبنا في أقطار العروبة.

أيها الرفاق المناضلون:

لقد أضاءت ثورة يوليو/ تموز 1968 سماء العراق ولم تمض إلا سنوات خمس على انتكاسة عروس الثورات التي أطاحت بحكم الط-اغية الشع-وبي عبد الكريم قاسم في جمعة 14 رمضان، 8 فبراير 1963.
لقد سعت قيادة البعث والثورة لتدارك انقسام الصف الوطني العراقي الذي كان أحد اسباب انتكاسة عروس الثورات، وذلك بدعوة القوى الوطنية للمشاركة في العملية الثورية، إلا أن بعض القوى لضيق أفقها، استبعدت إدراك لحظة المخاض الثوري التي كان يمر بها العراق، ولذلك لم تستجب لتلك الدعوة الوطنية الصادقة، فكان أن تقدمت قيادة البعث بتفجير الثورة وتحمل تبعاتها. أدركت قيادة البعث والثورة أهمية التركيز على المحاور النضالية التي من شأنها أن تعيد العراق والأمة لمكانتها التي تستحقها علوًا بين الأمم، فكانت أولويات الثورة تتمثل في تخليص العراق من شبكات التجسس وحل المسألة الكردية بإعلان مارس/ أذار 70، القاضي بالحكم الذاتي لشمال العراق في إطار وحدة وسيادة العراق، وسد الفجوة التنموية، بين شمال العراق وجنوبه على كل الأصعدة، الاقتصادية، والثقافية، والخدمية، بإدارة مبدعة للتنوع وتحويله لعامل قوة بديلاً عن عامل إضعاف للقطر. ثم كانت ملحمة الاستقلال الاقتصادي للعراق التي استعادت ملكيته وإدارته لأكبر ثروات العراق المعدنية، النفط والفوسفات، لتكون في خدمة قضايا العراق والأمة، فكان قرار تأميم النفط التاريخي هو الترجمة العملية لهذا الهدف في يونيو 1972، والذي أُسقط من قبل حكومة مصدق فى إيران، لكن الثورة في العراق صمدت واجتازت خطها الأحمر بل وترافق ذلك مع اعتبار النفط ملكًا لكل العرب تحت شعار ( نفط العرب للعرب)، خدمة لقضايا تحرر الأمة ونهوضها.
ثم كانت مهمة إعادة تأهيل جيش العراق وفق عقيدة قومية كحامي لحمى الأمة من كل عدوان وحافظًا لسيادتها ووحدتها الوطنية.
وهكذا بذلت عائدات النفط على ما تستوجبه هذه المهمة، بإنشاء أحدث الأكاديميات العسكرية، وتزويد الجيش بأحدث الأسلحة من مصادر متعددة حرصًا على عدم الاعتماد على قناة واحدة حتى لا يقع العراق أسيرًا لتقلبات السياسة الدولية، وشمل ذلك المنهج كافة ضروب الاستثمار والمشاريع التنموية في التعامل مع الخبرات الدولية.
ثم كانت الأولوية الخامسة تتمثل في محاربة الجهل والأمية على مستوى النشء وكبار السن، فعلى صعيد النشء كانت مجانية التعليم وإلزاميته بأحدث الوسائل من رياض الأطفال إلى ما فوق التعليم الجامعي، وليس ذلك لكل أبناء العراق فحسب؛ بل وشمل هذا الامتياز أبناء الأمة العربية في كافة أقطارها، وكان لنا في السودان نصيبًا لا يقدر بثمن من حيث الحصول على مقاعد الدراسة المجانية لآلاف الطلاب في المدارس والجامعات والمعاهد العليا العراقية، وكان خريجوها، منارة في كل تخصص علمي نهلوه من تلك المؤسسات فىي كافة المجالات، وتوسع ليشمل الدارسين من أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية.
أما على صعيد كبار السن ممن حرمتهم أنظمة التبعية والاستبداد من التعليم؛ فقد جاءت الحملة الشاملة لمحو الأمية عام 1973.
وبوعيها الثوري أدركت قيادة القطر التاريخية أن النفط مهما عظم إنتاجه واحتياطاته، فهو ناضب لا محالة، لذلك نظرت القيادة الملهمة إلى أرض السواد وما حباها الله بها من أنهار، فكان القرار المطبوع باللون الأخضر على خارطة العراق (الزراعة نفط دائم) فتم شق الترع والأنهار وتجفيف المستنقعات واستصلاح الأراضي المالحة كما حدث في قرية (الخالصة) وتصنيع كافة المنتجات الزراعية بما وفرت قيمة إضافية لتلك الثروة، وبوعيها المتقدم لمخططات التحالف الإمب-ريالي الص-هي-وني الرجعي الذي توصلت إليه قيادة البعث القومية منذ إرهاصات الميلاد، والذي حدد أمراض الأمة في التجزئة والتخلف والتبعية، والانقطاع الحضاري.
والترياق المضاد لها المتمثل في الوحدة والحرية والاشتراكية، أدركت القيادة وحدة الأمن القومي العربي في مواجهة كل استهداف يبدأ بقطر ولا يتوقف عنده.
هكذا نتذكر في سودان ما بعد انتفاضة مارس/ أبريل1985، موقف العراق الشامخ بدعم القوات المسلحة السودانية عام 1987 مما ساعده في استرداد الكرمك وقيسان من قبضة الحركة الشعبية، التي لم تصطف قيادتها مع نضال القوى السياسية والاجتماعية التي أطاحت بنضالها السلمي الديمقراطي بالنظام الذي باع الوطن وسرق قوت الشعب، وكان ذلك مما أضعف التجربة التعددية الثالثة في قطرنا. وظل قول الشهيد الأمين العام صدام حسين (البصرة والكرمك عندنا سيان)، مطبوعا في ذاكرة الشرفاء من بنات وأبناء شعبنا، الذي أدلى به مستجيبًا لطلب دعم القوات المسلحة، وقدم بمقتضاه دعم العراق لجيش السودان بأضعاف أضعاف ما طلبه الوفد الرسمي، بالرغم من أن العراق كان وقتها يخوض للعام السابع معركته ضد مشروع ما سُميّ بتصدير الثورة الذي أعلنه ملالي طهران ورأت فيه الإمب-ري-الية والصه-يونية العالمية ما من شأنه أن يوقف مد الثورة غير المسبوقة فكان ذلك بداية الظهور العلني للتحالف التوسعي العدواني في مواجهة العراق والأمة، بإقدام طائرات العدو الص-هي-وني بقصف مفاعل تموز النووي رغم رصد طائرات الأواكس الأمريكية للطائرات الصهيونية العابرة للحدود السعودية لتليها فضيحة صفقة الكونترا ( تزويد “إسرائيل” لإيران بالأسلحة الأمريكية).

أيها الرفاق المناضلون:

لم يتوقف طموح الثورة عند ذلك الحد، بل تعداه بسن جملة من القوانين لكل منها أهميته، ومنها قانون عودة الكفاءات العربية المهاجرة إلى أقطارها، ثم دخول العرب للعراق بدون تاشيرة، وقانون منح الجنسية العراقية لكافة العرب، ومن ثم تمتع هؤلاء بكافة حقوق المواطن العراقي، ولم يشمل ذلك بالطبع أبناء فلسطين حتى لا يتوقف جهدهم الفدائي النضالي عن تحرير فلسطين والعودة إليها.
وفي مواجهة مخططات العدوان على بعض الأقطار العربية، سجلت قيادة البعث في العراق المشاركة في حرب أكتوبر/ تشرين أول 1973، دفاعا عن سوريا ومصر من ثلاث جبهات مع وضع سلاح الجو العراقي في المعركة.
وقطعا لطريق عزل القضية الفلسطينية عن عمقها القومي؛ جاء خطاب العراق في القمة العربية في فأس المغربية 1974 بتطوير مقترح (منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني) بإضافة جملة: (على طريق تحرير فلسطين من البحر إلى النهر)، باعتبارها معركة اجتثاث العدوان من جذوره، وليس فقط إزالة آثار بعضه كما ورد في قرار مجلس الأمن رقم (242) عام 1967.

أيها الرفاق الأوفياء:

تلك المنجزات وسواها، وضعت العراق هدفا مباشراً للمخططات الأمب-ريال-ية الصه-يونية الش-عوبية والرجعية العربية فكانت مخططات إفشال قرار التأميم بالحصار ومحاولات مستميتة لإفشال الحل الوطني السلمي الديمقراطي في الشمال والذي كان قرار الحكم الذاتي قد خلق توجسا من أقطار الجوار التي تضم قوميات كردية بنسبا أعلى مما هو عليها في العراق. وسعى كذلك هذا الحلف العدواني التوسعي لتحريض عملاءه في الخليج لإغراق سوق النفط بما يتجاوز الحصة المقررة في منظمة اوبك، مما أدى إلى انخفاض سعر برميل النفط بما يقل عن 8 دولارات بينما كان السعر المقرر له 21 دولار، وهو ما عبر عنه الشهيد صدام حسين في قمة بغداد 1990 بالقول: ( المنية ولا الدنية قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق) وكان ذلك قد تلى إقرار الخميني بالهزيمة في 1988/8/8، معلنا قبوله لقرار مجلس الأمن (598) بالقول أنه يتقبله (كما يتجرع السم الزعاف)، وكانت القوى الإمب-ريالية قد سعت لاستطالة أمد الحرب، ولم تقم بأي إجراء يتناسب مع قرار مجلس الأمن (598) القاضي بوقف الحرب والذي قبله العراق ولم يلتزم به حكام إيران.
ولما كان العراق قد خرج من تلك الحرب أقوى عدة وعتادًا بعد انتصاره على خامس أقوى جيوش العالم، تطور المخطط الإمب-ريالي بالعدوان المباشر بعد أن صاغت الولايات المتحدة قرار قمة القاهرة الذي طالب بسحب القوات العراقية من الكويت، وبالرغم من أن العراق قبل العدوان كان قد أعلن موافقته على الانسحاب من الكويت شريطة إجراء مماثل بانسحاب القوات الص-هي-ونية من الأراضي التي احتلتها في عدوانات 1956 و1967، رغم ذلك شنت الولايات المتحدة وبمعيتها 32 دولة عدوانها على العراق مستخدمة فيه كافة أنواع الأسلحة المحرمة دوليا. وللمفارقة فإن عدوان 2003 الذي صمم لاحتلال العراق؛ تم بذريعة امتلاك العراق لأسلحة دمار شامل لم تفلح فرق التفتيش التي لم تستثني مقرا لم تدخله حتى القصور الرئاسية، في العثور على أي قدر من تلك الأسلحة المزعومة، والتي كشفت منافسات انتخابات الرئاسة الأمريكية أنها كانت أكاذيب صنعتها وكالة المخابرات الأمريكية.
ومع ذلك فرض حصار شامل على العراق حرم فيه تلاميذه حتى من اقتناء أقلام الرصاص، وتصدير نفطه، وتم تحريك عملاء طهران في جنوب العراق عند انسحاب القوات العراقية للعدوان على المواطنين والقوات المنسحبة بما عرف بصفحة الغدر والخيانة والتي سرعان ما انتصر عليها النشامى العراقيين بقيادة المجاهد عزت إبراهيم.
ولما لم ينجح كل ذلك في وأد الثورة التي كانت تخرج في كل معركة من معاركها، وهى أقوى شكيمةً وانتصارًا في تعرية حقيقة المخططات المستهدفة للأمة العربية عبر العراق (بوابتها الشرقية)؛ هنا كان لابد من العدوان المباشر الذي صرح زعماؤه من قبل بأنهم بصدد (إعادة العراق لعصر ما قبل الثورة الصناعية).
لكن رفاق الشهيد صدام أحفاد الرشيد والمعتصم بالله، لم يتأخر بذلهم يوما بعد احتلال العراق ودخول بغداد في التاسع من نيسان 2003، إذ أطلق شهيد الحج الأكبر الأذن ببدء المقاومة الشعبية في اليوم التالي لذلك التاريخ الكالح السواد.

أيها الرفاق المناضلون والعراقيون الأماجد:

تم التآمر على شعبنا الذي لم تتخلف مشاركات أبنائه وبناته عن معارك المصير الواحد منذ ملاحم 1948 بالأرض المحتلة مرورًا بعدوانات 1956 و1967 وحرب العبور في 1973، واختلطت فيها دماء أبنائه بدماء أشقائه آنذاك ومن بعد في قادسية صدام المجيدة وأم المعارك والحواسم، تم تغييبه عن دائرة العطاء القومي بانقلاب 25 أكتوبر 2021، وحرب 15 أبريل 2023 الممتدة حتى الآن، ويصح الحكم بأن ما يلاقيه أبناء وبنات شعبنا من معاناة الحرب ومجرياتها باللجوء والنزوح والهجرة وتجريف الديار وتدمير بنية بلادنا التحتية الاقتصادية والخدمية والثقافية والتراثية، والاغتيالات، والاغتصابات للكنداكات، والسلب والنهب، وتفشي خطاب الكراهية والفرقة، يصح الحكم عليه بأنه النموذج الأكثر بشاعة للان-ته-اكات التي تعرضت لها أمتنا في تاريخها الحديث والمعاصر، ونستطيع القول أن الثغرة الكبرى التي نفذ منها هذا المخطط الع-دواني هي انشقاق الصف الوطني وضلوع وتماهي ضعاف الإرادة الانتهازيون مع أمراء الحرب وأسيادهم الإم-برياليين الص-هاي-نة وقد كان ذلك واضحا منذ جريمة فض اعتصام القيادة وزيارة (من قاد الانقلاب لاحقا) لعنتبي ليلتقي بالمجرم الإره-ابي نتن-ياهو ومن ثم إلغاء قانون 1958 الخاص بمقاطعة العدو الص-ه -يوني.
لم تغب عن ذاكرة شعبنا وقواه الحية، بامتنان وإكبار مواقف عراق تموز والعروبة الداعم لشعبنا في كل محنة تعرض لها سواء ما ذكرناه عن استعادة الكرمك وقيسان أو قوافل الدعم المادي في مواجهة كارثة السيول والفيضانات عام 1988 أو أبواب المؤسسات العلمية المدنية والعسكرية التي استقبلت الآلاف من أبناء شعبنا.. فإننا على يقين بأن قيادة حزبنا في العراق بمثل اقتدارها بالرد الحاسم على ردة نوفمبر/ تشرين الثاني 1963, وهزيمة يونيو/ حزيران 1967 بثورة يوليو/ تموز 1968، فإنها بمشيئة الله وعزيمة الشرفاء عند الموعد الذي ابتدرته، بإجبار القوات الأمريكية على مغادرة العراق، وذلك بتحرير العراق من بقايا الوجود الأمريكي وعملائهم الذين جاءوا إلى العراق على ظهور دبابات وطائرات قوى الاحتلال. كما أننا على يقين بقدرة النشامى والماجدات على هزيمة مخطط الاجتثات، مخطط التفتيت والتجزئة والفتنة الطائفية والجهوية لتعود الوحدة والكرامة والعزة والوئام لشعب العراق.

* المجد والخلود لشهداء البعث والعراق
* النصر لفلسطين العزيزة وللعراق الأبي وأمته العربية
* والخزي والعار لعملاء الأم-بريالية الصهي-ونية.
* النصر حليف جهود وقف غير مشروط للحرب واستعادة التطور السلمي الديمقراطي في السودان
* ولا نامت أعين الجبناء…
وعاش البعث قوميًا وحدويًا تقدميًا

حزب البعث العربي الاشتراكي (الأصل)
قيادة قطر السودان
2024/7/17

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى