أعوذ بالجرح النازف ،من الغاصبين ومن يتولَّاهم بالدجلِ والنفاق ...
بعدَ أن أفرغوا حمولةَ نزعاتهم الشريرة في فلسطين وغرسوا على أرضها كياناً مصطنعاً يملؤهُ الحقد التاريخي المبرمج ، والمرتكز على مقررات مؤتمر كامبل بانرمان ١٩٠٧ المعطوف على مخرجات مؤتمر الحركة الصهيوني في بازل عام ١٨٩٧ ، وبعد أن ادركوا انّ مؤامراتهم الكبرى على الأمة لن تمر
خاصةً بعد أن تبدَّت عواملُ النهضة العربية الكبرى ،وبدأت تلوحُ في افقنا معالم التحرر والإنعتاق ،وظهرت في بواطن ارضنا ثروةٌ لا بدَّ انها تعززُ دور الثورة ،في إحداث طفرةٍ نوعية تلبي طموحات الناس ، وبعد أن بدأت ترتفعُ أصوات ورايات الحرية ،وتنادي بتحرير فلسطين ،في مصر والعراق وغيرها من أمطار المشرق والمغرب العربي ،كان لا بد لأعداء الأمة من إعادة ترتيب اولياتهم للخروج من مأزق مشاريعهم ،وضروري البدء بمخططات جديدة ،تزرعُ الفتن وتزيدُ من عوامل الفرقة بين الأقطار لتشتيت الجهود،وعميْ الأبصار لإعادة فرض السيطرة والنفوذ بأسلوب استثماري يعتمدُ على خطة غير مباشرة في الإحتلال ،
وذلك بزرع اعوانٍ وادوات في كل قطر ،تُمعنُ في تجهيل الجيل الذي بدأت نوازع التغيير تدخلُ في صميمه...
للوصول إلى ذلك لا بد من العودة لاستخدام السلاح الامضى في هدم بنى التقدم والحرية ،فكان استخدام الدين كسلاح ذو حدين ، حيثُ يعلي سقف التطرف في استخدام العبارات القاسية ،كالشيطان الأكبر والغدة السرطانية في نفس الوقت الذي يقتل فيه روح الثورة ، وذلك عبر إنشاء دولة تطبق في سياستها العصبية الطائفية وتنطلق من خلالها لتعبث في دول الجوار قتلاً وإرهاباً وبذلك تكون قد قد قدمت خدمة جليلة لصنيعة الغرب الدخيلة ،في فلسطين تحت شعار محاربتها من خلال إقامة طوقٍ آمنٍ لها من البؤر والمحميات الطائفية في إطار الإمبراطورية المزعومة ...
ولم يقتصر الأمر عند هذا الحد في مخططاتهم خاصةً بعد أن وجدوا في العراق جداراً منيعاً في وجه ريحهم الصفراء، فتظافرت الجهود بالتعاون مع عرب الجنسية وذاك الخنجر التاريخي المسموم ،لاقتلاع هذا الجدار عبر حرب كونية ،ازاحت عن العراق قيادته الوطنية وغيرت معالم توجهاته القومية عبر زرع زمر وعناوين لمجموعات بصمت بتوقيعاتها الخيانية على التطبيع والاعتراف بالكيان لقاء حقّ غير مشروع مكتسب بحكم العراق ...
قد يظن أصحاب هذا المخطط بانهم نجحوا في تمريره متغافلين بأن شعب ثورة العشرين
و انتفاضة رشيد عالي الكيلاني وثورتي ١٤ تموز ٥٨ و ١٧ - ٣٠ تموز ٦٨، وجيش العراق الذي خاض معركة فلسطين في جنين وشارك في كل معارك الأمة المصيرية ،قادرٌ طال الزمان ام قصر على وضع حدٍ لمؤامراتهم ولسوف لن يهدأ لهم بال، فمعالم الغد المفعم بالحياة لا تزال مرسومة ويحملها الجيل الجديد الذي شرب من معين ثورة تموز المجيدة متمثلاً بشهادة العظماء في تاريخ العراق الزاخر ...
محسن يوسف لبنان ٢٦ ٩ ٢٠٢٣