في بيان شامل حول الأوضاع السياسية والاقتصادية والتربوية:
طليعة لبنان:
لمواجهة وطنية فلسطينية شاملة مع المجموعات المتمردة في عين الحلوة
انتخابات رئاسة الجمهورية مؤجلة بانتظار التفاهم الأميركي- الإيراني على الترسيم البري
أعربت القيادة القطرية لحزب طليعة لبنان العربي عن تضامنها الإنساني والقومي مع جماهير المغرب بعد الزلزال الذي أودى بآلاف الضحايا، ودعت إلى أن تأخذ المواجهة مع المجموعات التي تمردت على قرارات الإجماع الوطني الفلسطيني بعداً وطنياً، واعتبرت أن الإفراج عن انتخابات رئاسة الجمهورية رهن الاتفاق الأميركي الإيراني على الترسيم البري، كما اعتبرت أن مشروع الموازنة جاء ليلبي شروط صندوق النقد الدولي وليس مصالح الشرائح الشعبية الأوسع وان قطاع التعليم الرسمي مهدد بالانهيار الكامل إذا ما استمرت الحكومة على نهجها الحالي في التعامل مع هذا القطاع.
جاء ذلك في بيان شامل للقيادة القطرية فيما يلي نصه:
أولا:
توقفت القيادة القطرية للحزب أمام تداعيات الزلزال الذي ضرب المغرب فأعربت عن تضامنها الإنساني والقومي مع جماهير شعبنا في القطر المغربي ودعت إلى إطلاق أوسع حملة دعم شعبي عربي لتوفير ما يمكن توفيره للمنكوبين من جراء هذا الزلزال المدمر، وكأنه لا يكفي ما يحل بهذه الأمة من كوارث سياسية واقتصادية وتدمير للبنيان الوطني والمجتمعي لدولها، حتى تأتي الكوارث الطبيعية لتضيف إلى النكبات السياسية ما تخلفه الزلازل من أضرار مادية وضحايا بشرية بلغت الآلاف ومثلها من الجرحى عدا الذين ما يزالون تحت الأنقاض وتتناقص فرص إنقاذهم أحياء مع تقدم الوقت.
والقيادة القطرية للحزب إذ تسجل ارتياحها لمواقف العديد من الدول العربية التي نظرت إلى هذه الكارثة ببعد قومي وإنساني متجاوزة الخلافات السياسية مع النظام ومبادرة إلى تقديم الدعم والإسناد للمساعدة في عمليات الإنقاذ كما في فتح الأجواء والحدود لإيصال المساعدة في أسرع وقت ممكن. تدعو أن لا تكون عملية فتح الحدود بين الأقطار العربية محكومة بظرفية حدث طارئ أو كارثة طبيعية، بل يجب أن تكون متصفة بطابع الديمومة انطلاقاً من المصلحة القومية التي تفرض تسهيل عملية تنقل الأشخاص والبضائع كخطوة على طريق فتح أسواق العمل العربية أمام اليد العاملة العربية وكذلك الأسواق، كانطلاقةٍ عمليةٍ نحو التكامل الاقتصادي بين الدول العربية. فالرحمة لأرواح الضحايا والشفاء للجرحى والإيواء لمن يفترش الأرض ويلتحف السماء بعدما انهارت البيوت على رؤوس ساكنيها.
ثانياً:
توقفت القيادة القطرية للحزب أمام تجدد الاشتباكات في مخيم عين الحلوة في ضوء رفض مجموعات مسلحة الالتزام بمقررات هيئة العمل الفلسطيني المشترك وتسليم الذين ارتكبوا جريمة اغتيال مسؤول الأمن الوطني الفلسطيني في المخيم الأخ أبو أشرف العرموشي ورفاقه، فرأت في رفض هذه المجموعات تنفيذ قرارات هيئة العمل المشترك تمرداً على الإجماع الوطني الفلسطيني، وعليه فإن مواجهة هذه المجموعات يجب أن يأخذ ُبعداً وطنياً فلسطينياً شاملاً، كون المشكلة هي مع الحالة الوطنية الفلسطينية بكل طيفها السياسي والفصائلي وليست مع حركة فتح بالذات والتي وإن وُجِهَتْ إليها نيران الغدر، فلموقعها المحوري والقيادي في الساحة الفلسطينية، ولتقدير من الذين يضمرون شراً بفلسطين وقضيتها وثورتها، بأن ضرب حركة فتح وإضعافها يفتح الطريق أمام ضرب البنية الوطنية الفلسطينية والشرعية التمثيلية التي تجسدها منظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد لشعب فلسطين.
من هنا، يجب رفع الغطاء السياسي عن هذه المجموعات، واتخاذ مواقف حاسمة باعتبار مخيم عين الحلوة كما سائر المخيمات هي أماكن لجوء مؤقت لجماهير شعبنا التي هجرّت بفعل الاحتلال الصهيوني، وليست ملاذاتٍ آمنةٍ للخارجين عن القانون في لبنان أو الذين يتم الاستثمار بهم إقليمياً ودولياً لاختراق ساحة العمل الوطني الفلسطيني وضرب شرعيتها التمثيلية خدمة لأجندات إقليمية ودولية.
إن أمن مخيم عين الحلوة هو مسؤولية وطنية فلسطينية بقدر ما هو مسؤولية وطنية لبنانية، وعلى الدولة اللبنانية أن تكون حاسمة في تنسيق الخطوات مع منظمة التحرير عبر الإصرار على تسليم المطلوبين باعتبار أن الجريمة وإن حصلت داخل المخيم فالصلاحية معقود اختصاصها للقضاء اللبناني باعتبار المخيم أرض لبنانية وللقضاء اللبناني ولاية شاملة على مقاضاة من يرتكب جريمة على الأرض اللبنانية إلا من كان مشمولاً بحصانة دبلوماسية وهذا لا يشمل هذه المجموعات ولو كانت تحظى بحماية سياسية وأمنية ممن يقفون وراءها.
ثالثاً:
توقفت القيادة القطرية للحزب، أمام قدوم المبعوثين والمسؤولين الدوليين والإقليميين إلى لبنان في ظل استمرار الانسداد السياسي أمام إنجاز الاستحقاق الدستوري بانتخاب رئيس للجمهورية. إذ لم يكد يطير الواحد منهم حتى يغط الثاني، من المبعوث الأميركي هوكشتين إلى الوزير الإيراني عبد اللهيان وصولاً إلى ثالثهما لودريان. ويبدو من خلال ما تسرب إلى وسائل الإعلام، أن الأخير لم يعد يجد ما "يتعشى" به بعد الغداء الدسم الذي مسح فيه الأميركي والإيراني كل الصحون على الطاولة.
وإذا كان لودريان يعطي للشأن الرئاسي أولوية، فهذا ليس أولوية عند الأميركي والإيراني، بل هو نقطة تفصيلية في إطار أشمل يتناول إنجاز ترسيمٍ جديد استكمالاً لعملية ترسيم الحدود البحرية، وهذا ما ركز عليه هوكشتبن، فإذا أخذت أميركا موقفاً في عملية ترسيم الحدود البرية وفق ما تحدده من مخرجات، فعندها ستعطي في مسائل أخرى ومنها رئاسة الجمهورية. ففي عملية ترسيم الحدود البحرية التي أشرفت أميركا على رعاية مفاوضات صهيونية- إيرانية بشأنها، أدت إلى مقايضة ملف الترسيم لمصلحة أميركا "وإسرائيل"، مقابل إنهاء الانسداد السياسي في أزمة تشكيل السلطة في العراق، فإن نجاح تلك العملية سيفتح الطريق أمام سيناريو مماثل، مفاوضات صهيونية- إيرانية برعاية أميركية حول ترسيم الحدود البرية مقابل فك عقد الانسداد السياسي في أزمة الرئاسة، فتأخذ أميركا "وإسرائيل" في ملف الترسيم البري وتأخذ إيران في الملف الرئاسي ما تعتبره الرئيس الضمانة، وأميركا لا يهمها شخص الرئيس، بل الاستثمار في هذه الأزمة لمصلحة ترتيبات أمنية "لإسرائيل". وعليه وحتى لا يقع اللبنانيون في وهْم قرب الانفراج في الملف الرئاسي، فإن الوصول إلى حل في هذا الموضوع لن يكون عبر "القابلة الفرنسية"، ولا عبر دعوة رئيس المجلس النيابي، لان النظر بها، مؤجل بانتظار الأجوبة الإيرانية والإسرائيلية للوسيط الأميركي على ملف الترسيم البري. وهذا يعني أن الأزمة مفتوحة على الزمن، وان تداعياتها ستكون أشد وقعاً على الشرائح الشعبية الأوسع، ولا خيار أمام الاعتراض الشعبي والوطني إلا الاستمرار في المواجهة، لأنه لم يعد لديها ما تخسره بعدما فقدت جنى عمرها، ولا همّ للذين يقبضون على مفاصل السلطة إلا الاستمرار في نهج الاستقواء بالخارج الإقليمي والدولي لإعادة إنتاج سلطة تلبي مصالح القوى الدولية والإقليمية وشروط صندوق النقد الدولي.
رابعاً:
توقفت القيادة القطرية لحزب طليعة لبنان العربي الاشتراكي، أمام مشروع الموازنة للعام الجديد، فلم تر فيه من إيجابية سوى أنه مقدم ضمن المهلة الدستورية، أما ما انطوى عليه من بنود وفذلكات، فيمكن أن يقال فيه كل شيء إلا موضوع الموازنة التي يفترض أن ترسم سياسة اقتصادية ومالية وإنمائية للنهوض بالوضع الاقتصادي المنهار. ففضلاً عن كون مشروع الموازنة يرتكز على زيادة الضرائب من جانب وعلى دولرة الضرائب من جانب الآخر، فإن كعب أخيل هذه الموازنة، أنها تطرح حلول مالية ونقدية لمعالجة الأزمة الاقتصادية فيما المطلوب وضع خارطة طريق لإعادة بناء اقتصاد وطني يرتكز على أقانيم الاقتصاد المنتج، وعندها يأتي الإصلاح المالي والنقدية كنتيجة للإصلاح الاقتصادي.
إن الخلل في الإدارة المالية والنقدية هو نتيجة الاختلال في البنية الاقتصادية، وعليه يجب أن تنطلق المعالجة من القاعدة الاقتصادية وليس من البنية المالية والنقدية الفوقية، وبالتالي يجب أن لا تمر هذه الموازنة بما تنطوي عليها من أبواب إنفاق وإيرادات، وإلا ستكون بمثابة رصاصة الرحمة التي ستطلق على رأس دولة هي حالياً في وضع يشبه حالة الموت السريري.
خامساً:
توقفت القيادة القطرية للحزب أمام التوقف العملي للمرفق القضائي بعد إعلان أكثر من مئة قاضٍ توقفهم عن العمل، كذلك التعثر الذي يواجه انطلاق العام الدراسي في ظل عدم تنفيذ الوعود بإنصاف المدرسين في الملاك والمتعاقدين، فرأت في ذلك استمراراً لنهج السلطة في إغداق الوعود دون الالتزام بالتنفيذ، وهذا ما يضع المرفق القضائي أمام التوقف الكلي عن العمل كما أنه يضع العام الدراسي أمام مصير مماثل للعام السابق في وقت يواجه فيه الأهالي ظروفاً صعبة تجعلهم عاجزين عن دفع أقساط المدارس الخاصة التي أصبحت مدولرة بغالبيتها، فضلاً عن رفع رسوم التسجيل في المدارس الرسمية والجامعة اللبنانية في وقت لم يعد باستطاعة الطلاب الوصول إلى المدارس والجامعات بسبب تكلفة النقل المرتفعة.
إن القيادة القطرية للحزب، ترى أن القطاع التعليمي الرسمي من أساسي وثانوي وجامعي أصبح على حافة الانهيار، وإذا لم تبادر وزارة التربية إلى اتخاذ خطوات سريعة لتوفير الحماية والدعم لمؤسسات التعليم الرسمي عبر الجهات المانحة، فإن الأيام القادمة ستكون سوداوية على أجيالنا الشبابية التي لم تعد معاناتها تقتصر عن توفير الحد الأدنى من مستلزمات الحياة، بل باتت مهددة أيضاً بإقفال فرص العِلْم الذي نص الدستور على إلزاميته. وعليه فإن إنقاذ التعليم الرسمي هو من أولويات العمل الوطني بعدما باتت خيوط المؤامرة مكشوفة على هذا القطاع الحيوي والذي يعتبر الركيزة الأهم في البنيان الوطني. وعليه فإن مواجهة هذه المؤامرة لا تكون بسياسة إغراق الرؤوس بالرمال بل بتسمية الأمور بمسمياتها، وهي أن الذين أوصلوا البلد إلى هذا المستوى من الانهيار السياسي والاقتصادي والمالي والانكشاف الوطني هم أنفسهم الذين يتآمرون على التعليم الرسمي لمصلحة خصخصة التعليم أسوة بسائر القطاعات. "كلن يعني كلن"، ولا إنقاذ للبنان إلا بإسقاطهم كلهم ومن خلال الشارع.
فإلى الشارع مجدداً، ولتكن عملية إحياء الذكرى السنوية لانتفاضة ١٧ تشرين بإعادة تجديد انطلاقة هذه الانتفاضة تحت سقف العناوين الوطنية والتغييرية مع التشديد على تطبيق مبدأ العدالة الانتقالية بحق الذين أجرموا بحق الشعب وكلٌ على طريقته.
القيادة القطرية لحزب طليعة لبنان العربي الاشتراكي
بيروت في ٢٠٢٣/ ٩/ ١٢