Javascript DHTML Drop Down Menu Powered by dhtml-menu-builder.com


كلمة الطليعة: في ذكرى استشهاد القائد صدام حسين يـتـجــدد العهــد


30-12-2022
تحل الذكرى السادسة عشر لاستشهاد قائد العراق والأمين العام لحزب البعث العربي الاشتراكي، ومشهدية الاستشهاد لا تفارق مخيلة جماهير العراق والأمة العربية، كما رفاق الدرب من مناضلي الحزب على مساحة الوطن العربي الكبير من مشرقه إلى مغربه وفي عالم الاغتراب.
إن هذا الحلول لتلك المشهدية في الوجدان الجمعي للأمة، يتجذر يوماً بعد يوم، بعدما فشلت كل وسائل إعلام القوى المعادية للعراق والأمة والبعث في التعتيم والتشويش عليها، لإبرازها بعكس ما انطوت عليه شخصية شهيد الحج الأكبر من قيمٍ إنسانية ارتقت حد التسامي في محاكاةٍ للأهداف الكبرى التي سعى لتحقيقها من خلال مسيرة طويلة حافلة بالعطاء النضالي والقبض على جمر المواقف المبدئية التي بقيت دائمة الحضور لديه حتى في أصعب الظروف حراجة في حياة الإنسان ومصير الأوطان.
فالقائد صدام حسين، الذي لم يهادن أعداء العراق والأمة، وكانت بصماته واضحة في إطلاق المشروع النهضوي للعراق، والمشروع التحرري للأمة، لم يساوم على قضايا الشعب والأمة وبقي حتى اللحظة الأخيرة من حياته يستحضر العناوين النضالية التي كان يرى في تحقيقها خلاصاً وتحرراً للأمة العربية ولجماهيرها من أثقال الاستلابين القومي والاجتماعي.
عندما وقع الرئيس الشهيد في الأسر، حاولت "البروبغندا" الإعلامية المعادية على تعدد أطرافها وقواها، أن تسقط عن القائد الصورة الراسخة عنه في ذاكرة الجماهير، كشخصية فذة تتجسد فيها كل معاني الشجاعة والبطولة ورباطة الجأش، وهو الذي كان دائم الحضور في ميادين المواجهة في جبهات القتال كما على جبهة الصراع السياسي، وكانت آخر جولاته في تحويل المحاكمة الصورية إلى محاكمة للاحتلال وإفرازاته التي مارست كل أشكال الموبقات السياسية والاقتصادية والاجتماعية بحق شعب العراق الذي تعرض لأبشع أنواع التنكيل والنهب المنظم لثرواته بهدف تفكيك عرى لُحْمته الوطنية وإفقاره مادياً ومعنوياً وجعله يتسول المساعدة ممن دمروا قدراته ونهبوا ثرواته.
تلك المحاولات التي بذلت لتشويه صورة الرئيس "وشيطنته"، أسقطها البطل بالضربة القاضية، يوم أطل على رفاقه وشعبه وأمته والإنسانية، بحقيقة ما انطوت عليه شخصيته من تماسك وشجاعة جعلت الصحف الكبرى في العالم تصفه بأنه أشجع الرجال في التاريخ المعاصر كما وصفت حفيده الشهيد مصطفى قصي صدام حسين بأنه أشجع طفل في العالم.
هذا الثابت في معطى شخصية شهيد الحج الأكبر لم يكن نتاج اللحظة التي سبقت استشهاده، بل كانت نتاج أصالة واكتساب تشكلا من خلال مسيرة نضالية ازدادت تجذراً ومناعةً في سياقات المواجهات وجولات المنازلات التي كانت الأخيرة منها يوم دمغها ببصمته المدوية صبيحة الأضحى المبارك وقبل النطق بالشهادتين، "عاشت فلسطين حرة عربية، عاشت الأمة العربية".
إن استحضار فلسطين والأمة العربية كحاضنة قومية لكل أقطارها في آخر ما نطق به القائد صدام حسين، كان للتأكيد بأن قضية فلسطين بما هي قضية تحرير للأرض والإنسان، وقضية الأمة العربية بما هي قضية توحيد ورسالة إنسانية خالدة، إنما يستوطنان عقله وذهنه، وهو أراد توجيه رسالة في ثلاثة اتجاهات.
الاتجاه الأول، هو أنه قضى شهيداً من أجل فلسطين والأمة العربية، بنفس مستوى استشهاده من أجل العراق كمكون من مكوناتها. ولو لم يكن كذلك لما كان استهدف بشخصه ودوره كحاملٍ للواء هاتين القضيتين: التحرير والوحدة.
الاتجاه الثاني، أن ما دوّنه بالصوت، كان وصية لرفاقه وشعبه وأمته، بأن المسيرة التي قضى شهيداً في واحدة من محطاتها النضالية في صبيحة الأضحى، يجب أن تبقى مســــيرة صـاعـدة، إلى أن تتحقق الأهـــداف التي قضى ردح حياته يناضل لأجلها في صفوف الحزب وموقع المسؤولية التنظيمية والسياسية في هرمية الحزب والدولة.
الاتجاه الثالث، هي رسالة لأعداء العراق وفلسطين والأمة العربية الحاضنة، بأن الصراع سيبقى مفتوحاً معهم على اختلاف مشاربهم ومواقعهم، من صهاينة وإمبرياليين وشعوبيين وقوى رجعية في مواقع السلطة وخارجها وأيا كانت اللبوس التي يتسترون بها إلى أن تتحقق أهداف الأمة في الوحدة والحرية والاشتراكية.
هذه الرسالة المتعددة العناوين، تعامل معها مناضلو الحزب على مستوى العراق والوطن العربي باعتبارها توجيها يُعْملُ بوحيه، وتعاملت معها جماهير العراق وفلسطين وسائر أقطار الأمة باعتبارها خارطة طريق، ترتسم من خلال مساراتها سبل الخلاص للأمة وهي تخوض كفاحها المتعدد الأوجه والأشكال لتحررها وتقدمها وتوحدها.
على قاعدة الالتزام بما انطوت عليه رسالة شهيد الحج الأكبر من عناوين، كان الرد سريعاً على أرض العراق كما على أرض فلسطين وكل حواضر الوطن العربي. فالمقاومة الوطنية العراقية التي ظن المحتل الأميركي وتوابعه وملحقاته أن أوارها سيخمد برحيل مفجرها ومطلق فعالياتها، اشتد زخمها واتسعت مساحة انتشارها واستطاعت أن تفرض على المحتل الانسحاب تحت جنح الظلام تجنباً لهجمات المقاومين الذين جعلوا الأرض تميد تحت أقدام القوات المحتلة.
هذه المقاومة التي ظن أعداء العراق أنها ستنتهي بخروج المحتل الأميركي الذي مكّن النظام الإيراني من التغلغل في كل مفاصل الحياة العراقية وممارسة دور المحتل من الباطن، فتحت صفحة جديدة من نضالها عبر انتفاضة شعبية اتخذت بعداً وطنياً بمساحة حراكها وبشعاراتها التي أطلقتها في وجه منظومة الفساد السياسي والاقتصادي والاجتماعي وراعيها النظام الإيراني الذي وقع في خطأ التقدير كما حصل مع الإدارة الأميركية.
هذه الانتفاضة الشعبية المتواصلة فصولاً، عبّرت من خلالها جماهير العراق عن عمق تجذرها الوطني باستحضارها للهوية الوطنية في مواجهة الجهويات الطائفية والمذهبية والاثنية، وفي استحضارها للهوية القومية في مواجهة الشعوبية المجبولة بالحقد الدفين ضد العروبة التي سعى أعداؤها لإسقاطها من خلال إسقاط العراق والانطلاق منه لإسقاط الأمة العربية ثأراً لهزائم تاريخية مني بها الروم والفرس في اليرموك والقادسية وحطين.
وأن يكون العراق وفلسطين، الأكثر سخونة حالياً في المواجهة مع أعداء الأمة الذين يجمعهم اليوم حلف غير مقدس، فلأن معطى هاتين الساحتين بما تنطويان عليه من أهمية استراتيجية، هو من سيحسم الصراع الذي تخوضه الأمة العربية ضد التحالف الصهيو- استعماري بكل ركائزه الإقليمين وأدواته التخريبية في الداخل القومي.
فتحرير العراق من الاحتلال وإعادة توحيده على الأسس الوطنية سيعيد الاعتبار لدوره في حماية البوابة الشرقية للوطن العربي من الاختراقات المعادية، وسيعيد له دوره كرافعة للمشروع القومي بكل أبعاده ومضامينه التحررية والتقدمية، ومعه ستعود الأمة متكئة على سند قومي يمتلك من القدرات والإمكانات ما يمكّنه من أن يكون قاعدة ارتكاز للاستنهاض القومي الشامل. وتحرير فلسطين هو الذي يسقط كل نتائج التآمر الاستعماري وكل ما فرضه من واقع تقسيمي وما أنتجه من إفرازات سياسية بعضها في مواقع السلطة وبعضها في خارجها وكلها تعمل في خدمة مشروع استمرار الاستلاب القومي الذي يشكل التطبيع مع الكيان الصهيوني واحداً من تجلياته.
من هنا، تكتسب مقاومة جماهير العراق للاحتلال الأميركي- الإيراني المرّكب، أهمية في سياق المواجهة القومية الشاملة، كما مقاومة جماهير فلسطين ضد الاحتلال الصهيوني.
إن العروبة في العراق تنتصر بانتصار ثورته ضد هذا الاحتلال المرّكب بكل إفرازاته السياسية، والعروبة في فلسطين تنتصر بانتصار ثورتها التي تجددت شخصيتها النضالية من خلال الانتفاضة الشعبية المتواصلة بفعالياتها منذ انتفاضة الحجارة وحتى تاريخه والمفتوحة على آفاق المستقبل الذي تدخله الأجيال على وقع ما نطق به شهيد الحج الأكبر حول فلسطين، وما ردده القائد الشهيد ياسر عرفات عندما حوصر في رام الله. لن أخرج إلا شهيداً شهيداً.
إن أمة تزخر بِأَبْطَال من طينة صدام حسين وياسر عرفات رفعا مستوى المواجهة حتى الشهادة، هي أمة حية تنبض بالحياة، وما تتعرض له من إطباق معادٍ في بعض المراحل ليس سوى حالة ظرفية ستزول بزوال أسبابها وتعديل موازين القوى التي تحوّل نتائج الصراح لمصلحة الأمة ومشروعها التحرري.
إن أمةً تنخرط في مواجهة شاملة مع أعدائها، ستتمكن من تحقيق أهدافها بالقدر الذي تتكامل فيه فعاليات ثورة جماهيرها ضد الاحتلال بكل أشكاله وشخوصه، وضد النظم التي كبّلت حركة الجماهير ومارست التسلط على مقدرات الأمة وصادرت الحريات العامة. وإذا كانت ساحتا فلسطين والعراق، هما ساحتا صراع مباشر ضد الاحتلال، فإن ساحات الأقطار الأخرى التي تعيش حالة مخاض ثوري يعبر عنه بالحراك الشعبي، هي ساحات صراع مباشر ضد أنظمة القمع والاستبداد والرجعية والتطبيع. وعليه أن فتح ساحات المقاومة على ساحات الحراك هو ضرورة نضالية لتوحيد جماهير الأمة على قاعدة مشروع الاستنهاض الجماهيري، وعلى قاعدة الربط الجدلي بين أهداف التحرير وأهداف التغيير. وعندما أطلق صدام حسين نداءه الأخير بتوجيه رسالته المتعددة العناوين، ولخصها بشعار عاشت فلسطين، عاشت الأمة العربية، فإنما كان يقصد فلسطين المتحررة من الاحتلال والأمة المتحررة من الاستغلال والمتحررة من أشكال التجزئة والتفتيت.
إن الوفاء للشهيد القائد صدام ولكل شهداء الأمة، هو تجديد العهد النضالي للعمل بوحي الوصية التي خطها بدمه وهو على منصة الاستشهاد. وفي ذكرى استشهاده وانطلاقة ثورة فلسطين يجدد رفاقه في الحزب العهد له، وتجدد الجماهير المنتفضة العهد، باستمرار نضالها الثوري حتى تحقيق أهدافها الكبرى، أهداف الثورة العربية في الوحدة والحرية والاشتراكية.















New Page 1